لم يره لعارض كالعمى. (١)
أما الموضوع عدالتهم وطبيعة الموقف منها ، فقد انقسم القوم إلى قسمين ، الأول منهم رأى أن جميع الصحابة هم موضوع الاقتداء فقال الآمدي : جعل الاقتداء بكل واحد من الصحابة هدىً مع اختلافهم في الأحكام نفياً وإثباتاً ، فلو كان فيهم مخطىء لما كان الاقتداء به هدىً بل ضلالة. (٢)
وقال ابن حجر : اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ، ولم يخالف في ذلك إلاّ شذوذ من المبتدعة ، ثم قال بعد أن ذكر بعض الآيات التي زعم أنها تفيد مطلوبه : جميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم ، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق ، ثم قال : وهم أفضل من جميع الخالفين بعدهم ، والمعدلين الذين يجيؤون من بعدهم ، هذا مذهب كافة العلماء. (٣)
ولهذا تلحظ ان أبا زرعة الرازي يعتبر كل من ينتقص واحداً من هؤلاء زنديقاً. (٤)
ومنهم من يرى أن الصحبة تتوقف على طول نسبي لهذه المعاشرة ، إذ ينقل ابن الأثير عن القاضي البلاقلاني قوله بأن استعمال هذه التسمية موقوف على من : كثرت صحبته ، ولا يجيزون ذلك إلاّ في من كثرت صحبته ، لا على من لقيه ساعة أو مشى معه خُطىً ، أو سمع منه حديثاً.
ولكن ذلك لا يعني عدم الوثاقة والعدالة ، فالأمر موقوف على صحابيته
____________________
(١) الاصابة ١ : لابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) دار احياء التراث العربي ـ بيروت ١٣٢٨ ط ١.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام ٣٠٨ : ١.
(٣) الإصابة ٩ : ١ ـ ١٠.
(٤) الإصابة في تمييز الصحابة ١٠ : ١.