فلو ردّت هذه الصفة ردّ خبره. (١)
ومؤونة ردّ هؤلاء هيّنة جداً ، إذ ان التسليم بكلامهم سينقض جميع أحكام الحلال والحرام ، بل سيسفّه القرآن ، ويعتبر ناقل الوحي الكريم زنديقاً ، بل وسيسقط الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأحاديثهم عنه ، كيف لا؟ وحال الصحابة وأحاديثهم تكذّب هذا الأمر جملة وتفصيلاً ، ولا أريد في هذه العجالة أن أناقش المطلب مناقشة شاملة ، ولكني سأكتفي بالاشارة إلى الملاحظات التالية التي أعتقد انها تكفي لتكوين فهم عام لهذا الرد ، ومن أراد التفصيل فعليه أن يرجع للدراسات المختصة في هذا المجال : (٢)
١ ـ من المسلّم به أن لفظ الصحبة الوارد في اللغة بشكل عام ، وفي القرآن الكريم بشكل خاص ، لا ينطوي على أي قيمة معيارية ؛ سلبية كانت أو إيجابية للفظ ، فهو يطلق على أي قيمة السلبية كما قد يطلق على القيمة الإيجابية ، فقد يعني صاحب السوء كما العكس وفق ما ما تتحدث به آيات سورة الكهف عن الصاحبين اللذين تحاورا في جنتيهما ، وقد يعني الصاحب بما يختار الإنسان وبما لا يختار كما نجد ذلك في أصحاب السجن في قصة بني الله يوسف عليهالسلام ، وقد تكون للعاقل ولغيره كما في تسمية نبي الله يونس عليهالسلام بصاحب الحوت ، وكما في تسمية أصحاب الفيل ، وهكذا فكون الرجل من أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وفق الظهور اللغوي والعرفي للكلمة مهما طالب صحبته لا يمنحه أي امتياز أخلاقي على من سواه ، والعكس
____________________
(١) أسد الغابة في معرفة الصحابة ١٩ : ١ لعزّ الدين ابن الأثير الجزري (ت) ؛ دار الفكر ـ بيروت ١٩٨٩.
(٢) أنوه بالدراسات الجدية التي عالجت هذا الموضوع ، وأهمها مبحث سنّة الصحابة في كتاب الأصول العامة للفقه المقارن لسماحة آية الله السيد محمد تقي الحكيم (مد ظله) ، ومبحث عدالة الصحابة للشيخ محمد السند المنشور في مجلة تراثنا الصادرة في قم ، وكتاب نظرية عدالة الصحابة للمحامي الأردني أحمد حسين يعقوب.