(أَ فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ) (١) وهي ـ كما هو متواتر ـ قد نزلت في صحابين هما الإمام علي عليهالسلام والوليد بن عقبة ، (٢) للإشارة إلى حقيقة أن الصحبة لا تمنح الصحابي ذلك الموقع الذي أولاه العامة لهم.
٣ ـ يمكننا ملاحظة القرآن الكريم من خلال ما حدّثنا به من حديث تعريضي لاذع في وصف ما سيؤول إليه حال هذا المجتمع من بعد الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله تعالى : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (٣) أن يكشف لنا أن المعنى الذي تريد مفاهيم العامة تسويقه لا وجود له البتة ، وهو نفس الأمر الذي أكدته السنة الشريفة كي تقطع المحاولات التي قد تحاول أن تفرغ الآية الكريمة من محتواها الحقيقي ، من خلال الادعاء بأن هذه الآية لها علاقة بما يأتي من مجتمعات ، ولا دخل للمجتمع الصحابي بها ، فلقد روى القوم متفقين عن أنس وغيره أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ليردنّ عليّ الحوض رجال ممن صاحبني ، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليّ اختلجوا (٤) دوني ، فلأقولن : أي رب أصيحابي أصيحابي ، فليقالنّ لي : إنك لا تدري بما أحدثوا بعدك. (٥)
ورووا عن ابن عباس ، عن النبي قوله عن أحوال يوم القيامة : ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يا رب أصيحابي! فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) فيقال : إن
____________________
(١) السجدة : ١٨.
(٢) أسباب النزول : ٢٦٣ للواحدي النيسابوري (ت ٤٦٨ هـ) عالم الكتاب ـ بيروت.
(٣) آل عمران : ١٤٤.
(٤) اختلجوا : اضطربوا في مكانهم واقتطعوا من موضعهم.
(٥) كتاب البخاري المسمّى بالصحيح ٢٠٧ : ٧ ، وكتاب مسلم المسمى بالصحيح ١٥ : ٦٤ ـ ٦٥ واللفظ له.