فضلاً عن تهافته من الناحية الفكرية المجردة ، فلو صح القبول بمزية للذين عاشوا مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو غير صحيح بالمرة ، فأي مزية للذين سيأتون من بعده؟!
٤ ـ لو صحّ ادعاؤهم بأن ما يقوم به الصحابة في أعمالهم إنما يعبّر عن صلاحية اجتهادية ، واجتهاداتهم مثلها مثل اجتهادات المجتهدين ما أصابوا فيها فلهم أجران ، وما أخطأوا فيها فلهم أجر واحد ، ولا يضيرهم في ما عملوا من شيء! ومع إنهم لا يملكون على ذلك أي دليل غير هذا الخبر الذي عرفت وهنه وضعفه ، ولكن سنساير القوم ما ساروا لنتساءل عن طبيعة حدود العملية الاجتهادية؟ فما من شك ان أحداً لن يقول : إنها بلا حدود ، بحيث إنها يمكن ان تتخطى النص القرآني والرسولي ، فإن قال بذلك أحد قلنا : أين ذلك من الآية الكريمة : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)؟ (١) ولا خلاف في أن حدود الاجتهاد هو النص ، فما من اجتهاد في مقابل النص ، والحال ان أعمال الكثير من الصحابة تناقضت مع النص القرآني والرسولي بشكل صريح جداً ، ولن اضرب المثال بالمجهولين من الصحابة ، ولكن تعال معي أخي القارىء لنتصفح حادثة جرت بين صحابيين يعلن الغالبية من القوم بكافة طوائفهم أنهم أفضل الصحابة ، فمن المعلوم المتواتر ان أبا بكر وهو من يعدّوه أفضل صحابي بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم! انتزع فدك (٢) من يد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليهاالسلام بعيد رحيل الرسول (بأبي وأمي) بأيام قليلة ، وهي من يعدّها الغالبية منهم بأنها سيدة نساء العالمين ، ويجمعون على إن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال بحقها : فاطمة بضعة مني ، من
____________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) فدك : قرية كانت لليهود مما بعد خيبر ، وقد دخلها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا أن يوجف عليها بخيل ولا رجال ، وهي من الخوالص التي أخلصت للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد وهبها للزهراء الصديقة عليهاالسلام في حياته ، وكانت حال وفاته (بأبي وأمي) تحت يدها وملكيتها.