الشديد في ذلك ، إلاّ اننا نأخذ القوم بما ألزموا به أنفسهم ، فلقد روى البخاري وغيره من أصحاب صحاحهم ومسانيدهم عن جابر بن عبد الله قوله : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لي : لو قد جاءنا مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ، فلما قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وجاء مال البحرين فقال أبو بكر : من كانت له عند رسول الله صلىاللهعليهوسلمعدة فليأتني فأتيته ، فقلت : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد كان قال لي : لو قد جاءنا مال البحرين لأعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ، فقال لي : احثه فحثوت حثية ، فقال لي : عدّها ، فعددتها فإذا هي خمسمائة فأعطاني ألفاً وخمسمائة. (١)
وقد أسس ابن حجر العسقلاني على ذلك قوله : وفيه قبول خبر الواحد العدل من الصحابة ، ولو جرّ ذلك نفعاً لنفسه ، لأن أبا بكر لم يلتمس من جابر شاهداً على صحة دعواه. (٢)
فإن كان الأمر كذلك أفلا قبل من أمير المؤمنين عليهالسلام شهادته لبضعة الرسول (صلى الله عليهما) سيدة نساء أهل الجنة؟ وهو الذي كانت الجنة تشتاق إليه كما في مروياتهم لم يك واحداً في هذه الشهادة ، بل معه أم أيمن شاهدة ، وقد رووا أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وعد بأنها من أهل الجنة في قصة زواجها من زيد بن حارثة ، (٣) أتراه يرد شهادة ثلاثة من أهل الجنة؟ بل ولم يطلب منهم يميناً فتصحح شهاداتهم جميعاً كما يروون من أن الرسول قد قضى بيمين وشاهد واحد! (٤) ويقبل شهادة جابر وحده!!
وعلى أي حال فإن من المسلّم به ان فعلته قد جلبت غضب الصديقة
____________________
(١) البخاري ٦٤ : ٤. (باب ما أقطع النبي من البحرين).
(٢) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٤٧٥ : ٤ ابن حجر العسقلاني ، دار المعرفة ـ بيروت ١٣٧٩.
(٣) الطبقات الكبرى ٢٢٤ : ٨.
(٤) جامع الأصول ١٨٤ : ١٠ ـ ١٨٦ عن مسلم وأبي داود والترمذي والموطأ.