ورغم محاولات القوم الرامية لتحوير مفهوم هذه الأحاديث ، وتخصيصها بما لا ينطبق عليه التخصيص من الأشخاص الذين فرضهم الواقع التاريخي والسياسي ، إلا ان الإنسان لا يعدم الدلالة الواضحة بشأن طبيعة الخلافة للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فالرسول بأبي وأمي لم يك قائداً سياساً أو عسكرياً فحسب ، حتى نخصص المراد بخلافته من يأتي بعده في هذا المقام ، وإن كان ذلك أحد صور الخلافة ، (١) ولكن هذه الخلافة يفترض أن تمتد لجميع ما كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يحتله من مقام اللهم إلاّ النبوة فلا ريب أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان خاتم الأنبياء ، ومن هنا نستطيع أن نعي بشكل أفضل مراد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله لأمير المؤمنين عليهالسلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي. (٢)
____________________
= في سير أعلام النبلاء ٤١١ : ١٠ ، وابن الرزاز في تاريخ واسط : ٩٨ ، وابن حيان في طبقات المحدثين ٨٩ : ٢ ، وابن الجوزي في صفوة الصفوة ٢٣٦ : ١ ، وفي المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ٥٤ : ٤ ، وابن كثير في البداية والنهاية ١٥٣ : ١ ، ١٩٤ : ٦ و ١٩٨ و ٢٨١ ، وابن تيمية في منهاج السنة النبوية ٣٨٣ : ٣ ـ ٣٨٤ ، والمحب الطبري في الرياض النضرة ٢٩٠ : ١ و ٤٠٨ ، وأبو نعميم الأصبهاني في الحلية ٣٣٣ : ٤ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٩١ : ٥ ، ٢٨٨ : ٢١ ، ٣٠ : ٢٢٩ ، ١٨٢ : ٣٩ ـ ١٨٣ و ٤٧٦ ، ١٨٩ : ٤٥ ، ٤٠٨ : ٦٥ ، وابن خلدون في المقدمة : ٣٢٥.
(١) وبالتالي فهو ضابط موضوعي لمن يجب أن يخلفه صلىاللهعليهوآلهوسلم في محله السياسي والعسكري.
(٢) الحديث من أشهر المرويات وقد أطبقت كتب القوم بما فيهم النواصب منهم على روايته بأجمعهم ، ولم يشذ في ذلك من الرواة أحد ، غير إن بعض متكلميهم الذين لم يجدوا ما يخرجهم من المخمصة الفكرية التي يولجهم الحديث بها فقد تابعوا رأي سيف الدين الآمدي الذي ذكرعنه انه لم يصحح الخبر على ما نقل عنه ابن حجر الهيتمي في الصواعق ص ٤٩ ، وهو على أي حال مقدوح في دينه كما يشير إلى ذلك ابن خلكان إذ يقول نسب : إلى فساد العقيدة وانحلال الطوية والتعطيل .. =