والفلسفة وعلم الحديث وما إلى ذلك ، وبهذا اللحاظ نجد ان كلمته عما يعدّه المجتمع النجفي بالكفريات ، إنما تؤشر في واقع الحال على هذا الضعف الذي كان يكتنف بنيته العقائدية وما يتصل بهذه البنية من أبحاث ، ولا أعني بهذا الضعف حالة القراءات العامة ، وإنما أعني الحالة التي تجعله مؤهلاً في مواجهة أعباء الأزمات العقائدية والسلوكية ، وهي الحالة التي تحتاج إلى منظومة من المعلومات القرآنية والروائية المعمقة ، إضافة إلى استيعاب الموضوع العقائدي بشكل مقارن مع بقية المذاهب ، وقدرة على التحليل والاستدلال ، ناهيك عن سبر متعلقات الموضوع العقائدي في الساحة التاريخية.
وقد دخل المجتمع اللبناني وانهمك سريعاً في خضم استحقاقات البروز في هذا المجتمع ، وهو بهذه الحصيلة العلمية المتدنية على المستوى العقائدي ، وطبيعة ظروفه في هذه الحياة لم تمكنه من فرصة تعويض ما فات في النجف ، وأي شيء يمكن أن يعوّض عما فات في النجف في تلك الفترة؟ (١) فلقد كان يتميز بالنشاط الاجتماعي الواسع وسط الكثير من حوافز القفز على السلّم الاجتماعي ، اضافة إلى ما يفرضه انضواؤه في حزب الدعوة من التزامات الاجتماعي مع رموز النسقين الصاعد والنازل ، والمطالعات الحزبية الخاصة والممنهجة ، فضلاً عن الهموم الحزبية العامة ، وكل ذلك أسهم بشكل جاد في حرمانه من النمو العقائدي في حال رغبته ، فكيف لو كان عازفاً عن ذلك؟!
وفي منطقة النبعة وبرج حمود في بيروت حيث استقر راح يعزف على
____________________
(١) أشير في هذا الصدد إلى فرية رددها الرجل وأنصاره كثيراً في الأعوام القليلة الأخيرة عن أن المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رض) قال : كل من خرج من النجف خسر ، إلا فضل الله فإن النجف قد خسرته!! ومن يعرف الرجلين يعرف جيداً استحالة صدور مثلها!!