أوتار لحن جديد لم تألفه الساحة العلمية الشيعية من قبل ، فلقد راح يتحدث عن التخلف العلمي في وسط الفقه الشيعي ويطالب بضرورة مطالعة الفقه المخالف ، ولو كان هذا الأمر ضمن الدائرة العلمية المتخصصة لها الخطب فهو شغلها الذي دأبت عليه والذي لم تحتج فيه إلى مطالبة منه أو من غيره ، ولكن حينما تكون هذه الدعوة موجهة إلى شباب غرّ تستهويه شعارات التوحيد بين المذاهب ، أو إلى أنصاف الكوادر العلمائية وأرباعهم ـ إن صح التعبير ـ الذين لن يتمكنوا من التمييز الكثير بين القضايا العلمية فإن هذه المطالبة ستأخذ طابعاً آخر لا يمكن أن يوصف بالمسؤولية ، وبالفعل فقد راح يدرس كتاب بداية المجتهد لابن رشد الأندلسي ، ليفتح باباً جديداً أمام تمايزه عن الساحة العلمية العامة.
ومنذ أن بدأ ينشر محاضراته في مطلع السبعينات حتى أحسنت الطبقة المثقفة ، فضلاً عن العلماء بوجود مشكلة ما في فكر الرجل ، فلقد وصل في العام ١٩٧٣ م إلى العراق واحداً من كراساته المعنونة تحت عنوان : «مفاهيم إسلامية عامة» وفوجئت هذه الطبقة بوجود مقاله حول اسلامية قاعدة : «الغاية تبرر الوسيلة» ، الذي قوبل باستغراب شديد ، ولكن هذا الاستغراب سرعان ما تغلّف بطابع حسن الظن برجل عمل فريق السياسي الذي ينتمي إليه على إشادة صورة جميلة له ، بطريقة يعرفها كل من عرف طرق عملهم ، ولم تمض الأيام حتى صدر كتابه : «خطوات على طريق الإسلام» عام ١٩٨٧ م واستقبل في العراق استقبالاً شديداً ، ولكن سرعان ما عادت الغصة التي تركها كتابه السابق لتؤشر بشكل جدي على طبيعة متبنيات كانت تتناهى الأسماع عنها ، وتستقبل بعدم تصديق ، (١) فلقد كان موضوعه
____________________
(١) كان المقدّس الوالد (رض) أول من أسمعني كلمة متشددة في وصف عدم شيعيته ، وذلك عام ١٩٧٣ م حين كنا قافلين من الحج ، ورام أحد مرافقينا وهو الشيخ فؤاد المقدادي الذهاب لمقابلة فضل الله ، وجوبه بمعارضة شديدة من قبل الوالد الذي كانت معارضته قد أدهشتنا جميعاً ، فهو من زرع فينا حب العلماء وكان فضل الله =