عن الحركة النبوية وكيفية دراستها (١) قد أثار حنقاً شديداً في الأوساط الحوزوية في النجف ، وقد اتسمت النظرة المستخلصة عن فكر الرجل بالسمة التي كانت تطبع النظرة إلى الكتّاب السطحيين الذين يفتقرون إلى العمق الفكري ، ويخلو ذهنهم من الحسابات المسؤولة في عالم الفكر والعقائد ، وبتعبير الجو السائد آنذاك فقد كان فضل الله بحراً ولكن بعمق شبر! ولكن الدفع الإعلامي الذي كان يملكه كرجل ينتمي إلى جهاز حزبي عرف بتقليبه للأمور وفق المتطلبات الحزبية حال دون موجة الحنق التي سادت آنذاك بعد صدور الكتاب ، بل راحوا يعممونه ككتاب ضمن المواد المقررة للثقافة الحزبية.
وما أن انتصرت الثورة الإسلامية المباركة في إيران عام ١٩٧٩ م حتى غرق الجميع في بحر من الهموم الجديدة ، واعتصرت الساحة العلمائية في العراق الأجواء الأمنية الخائفة مما ادخلها في حرب معلنة مع نظام المجرم صدام ، وهي الحرب التي فقدنا في بدايتها المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سرّه) ، فيما كان علماء لبنان غارقون في أزمة الحرب الداخلية وتغييب السيد موسى الصدر (رحمة الله حيّاً أو شهيداً) ، فيما تأثرت الساحة في الخليج أشد التأثر بالوضع الناجم ، وما كان أمر الثورة في إيران يسمح للعلماء ولغيرهم من الشرائح الفكرية في أن يتفرّغوا للفكر ، ولم تمض إلا أشهراً حتىرق الوضع في العراق وإيران بحرب المجرم صدام الأولى ، ووجد الجميع أنفسهم أمام استحقاقات أمنية وسياسية وعسكرية لم يسبق
____________________
= عالماً في ما كنا نظن ، وقد سألته ونحن في الشام عن سبب ممانعته ، وكانت لهجته عن عامية هذا الرجل وعدم تشيّعه قاطعة جداً ، ورغم معرفتي بطبيعة ورع المقدّس الوالد (رض) وتحرّجه من ذكر أحد ، ولكني حسبت أن الوالد (رض) كان يريد منعي من الانتساب إلى حزب الدعوة ، إذ كان الجو العام المحيط بنا هو من المنتمين إلى هذا الحزب.
(١) خطوات على طريق الإسلام : ٤٠٩ فما بعد ؛ دار التعارف ـ بيروت ١٩٨٦ ط ٥.