من الراسخين في العلم ، وفقاً للدلالة الالتزامية الواضحة التي تنعكس من الآية الكريمة : ( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) (١) ، ولا شك أن من طهر قلبه من الزيغ كان معصوماً.
ثم قال : ما الذي أثار الشيعة الاثني عشرية للقول بعصمة الإمام ودفعهم إلى الدفاع عنها وبحثها بحثا كلامياً وفقهياً؟ إن الأسباب لاعتناق الاثني عشرية لهذا الأصل.
أولاً : هو أن الإمام صاحب السلطة لا الأمة ـ كما يدّعي الأشاعرة ـ ، أو بمعنى أدق بينما يعلن الأشاعرة : «عصمة الأمة» مستندين على الأصل المشهور «الإجماع» متخذينه من الحديث المشهور : «لا تجتمع أمتي على ضلالة» يعلن الاثنا عشرية عصمة الإمام مستندين أيضاً على أصلهم المشهور : «موالاة الإمام » وأن الأرض لا تخلو من قائم بالحق ، وعلى الحديث الشيعي : «من مات ولم يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية».
ثانياً : نسب الاثنا عشرية للإمام «العلم الإلهي» وهو علم سري في كتب وجوامع (الجفر والجامعة ومصحف فاطمة .. إلخ) وعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون. إن حامل هذا العلم الإلهي ، هذا المستودع لتراث الأئمة ، عن خاتم الأنبياء لا بد أن يكون معصوما عن الخطأ والنسيان.
ثالثاً : النور الإلهي نور محمد ، كيف يكون مستوراً ومستقراً في إمام ، ويكون هذا الإمام عرضة للخطأ؟ وهنا مدخل للغنوصية في مصدرها الأفلوطيني المحدّث.
ورابعاً : الإمام مصدر الأحكام ، وله وحده مطلق التصرف في أعناق
____________________
(١) آل عمران : ٧.