بالمعنى الواقعي عبارة عن انكشاف الواقع عند العالم ، ووجه اعتباره معه إنّما هو وجه الطريقيّة فلا يدخل في وضعه قطعا.
وأمّا الوجه الثاني : فلانتفاء موجب عدم الانصراف بالنسبة إلى الموضوع المعلوم بالإجمال ، وعدم الملازمة بينه وبين ما عرض الفرد من العلم الإجمالي ، فإنّه على ما تقرّر في محلّه إمّا ندرة وجود الفرد أو ندرة إطلاق اللفظ عليه ، وليس في المعلوم بالإجمال إلاّ العلم الإجمالي وهو عارض ، ولئن سلّمنا ندرة العلم الإجمالي في التحقّق بالقياس إلى العلم التفصيلي فهي ندرة في العارض ولا تستلزم ندرة في المعروض لا وجودا ولا إطلاقا كما هو واضح ، فلا يلزم بها عدم انصراف الخمر مثلا في نحو قوله : « حرّمت عليكم الخمر » إلى المعلوم بالإجمال ، لأنّه قد يكون في نفسه أغلب الأفراد وجودا وإطلاقا ، وقد عرضه العلم الإجمالي في قضيّة بسبب الاشتباه.
لا يقال : هذا إنّما يتوجّه لو جعل الانصراف وعدمه في المفرد أعني الخمر المأخوذ في نحو قوله : « حرّمت عليكم الخمر » وليس مبنى دعوى الانصراف إلى المعلومات بالتفصيل على ذلك بل على نفس الخطاب ، فهو من مقتضيات التركيب الكلامي ومن حالات الهيئة التركيبيّة المأخوذة في الخطاب باعتبار كونه خطاب تكليف ، فيختصّ باعتبار اشتراط التكليف بالعلم بموارد العلم ، وينصرف في متفاهم العرف بهذا الاعتبار إلى المعلومات بالتفصيل لا غير.
لأنّا نقول : لا فرق في متفاهم العرف في عموم مؤدّى الخطاب بين المعلومات بالتفصيل والمعلومات بالإجمال وغيرها.
والسرّ في ذلك : أنّ مؤدّى قوله : « حرّمت عليكم الخمر » على ما عرفت هو الحرمة الواقعيّة ، وهو في ذلك المؤدّى عامّ في الأفراد الواقعيّة للخمر ، أعني كلّ ما يصدق عليه في الواقع إنّه خمر ، سواء علمت فرديّتها له تفصيلا أو إجمالا أو جهلت ، حتّى أنّ الأفراد الواقعيّة المجهول فرديّتها له مع الأفراد الواقعيّة المعلوم فرديّتها له تفصيلا في الاتّصاف بالحرمة الواقعيّة على حدّ سواء ، فكيف بالأفراد الواقعيّة المعلوم فرديّتها له إجمالا.
نعم صيرورة تلك الحرمة الواقعيّة تكليفا فعليّا شاغلا لذمّة المكلّف مشروطة بالعلم بها وبفرديّة ما يحكم بحرمته فعلا للخمر.
وأمّا الكلام في أنّ الشرط مطلق العلم ولو إجمالا أو خصوص العلم التفصيلي فهو