الإجمالي فيها محلاّ لابتلاء المكلّف لم يجب الاجتناب عليه عن الباقي ، لعدم العلم بتنجّز التكليف عليه في واقعة هذا العلم الإجمالي بسبب احتمال كون المعلوم بالإجمال هو غير محلّ الابتلاء ، والمكلّف في غير محلّ الابتلاء لا يخاطب فعلا بالاجتناب عنه وإن كان معلوما بالتفصيل فضلا عمّا لو كان معلوما بالإجمال فإذا كان المعلوم بالإجمال ، في الشبهة المحصورة الّتي بعض أطرافها ليس محلاّ للابتلاء مردّدا بين محلّ الابتلاء وغير محلّ الابتلاء رجع الشكّ بالنسبة إلى محلّ الابتلاء إلى كونه في التكليف ، فيجري فيه الأصل بلا معارضة علم إجمالي.
ولعلّ السرّ في اعتبار كون المعلوم بالإجمال محلاّ [ للابتلاء ] في تنجّز التكليف بالاجتناب عنه وتوجّه الخطاب إليه اشتراط التكليف بالقدرة على كلّ من الارتكاب والاجتناب ، بأن لا يكون هناك مانع عقلي ولا شرعي ولا عادي من الارتكاب ، وغير محلّ الابتلاء ليس مقدورا على ارتكابه عادة فلا يكون اجتنابه أيضا مقدورا باعتبار العادة ، لوجوب تساوي القدرة بالقياس إلى طرفي الفعل والترك.
وأمّا الوجه الرابع : فلأنّ الخروج الحكمي في المعلوم بالإجمال عن نحو قوله : « حرمت عليكم الخمر » بالشرع بمقتضى قوله عليهالسلام : « كلّ شيء فيه حلال وحرام ... إلى آخره » (١) وغيره فرع على التنافي ، بأن يكون مفاد الرواية سالبة جزئيّة تناقض الموجبة الكليّة المستفادة من دليل التحريم وهي حرمة كلّ خمر في الواقع ، وهو فرع الوحدات الثمانية الّتي منها وحدة المحمول ووحدة الموضوع وهي منتفية ، لتعدّد محمول مؤدّى الرواية ومحمول مؤدّى دليل الحرمة ، مع تعدّد موضوعيهما أيضا.
أمّا الأوّل : فلأنّ الحرمة في مؤدّى دليل الحرمة هي الحرمة الواقعيّة والحليّة في قوله : « فهو حلال لك » هي الحليّة الظاهريّة ، بدليل كونها مغيّاة بغاية المعرفة ، ولا يسوغ أن يكون شيء قبل معرفة حرمته حلالا في الواقع ثمّ يصير بعد المعرفة حراما في الواقع لبطلان التصويب ، فقوله : « حلال » يقتضي عدم الحرمة الظاهريّة لا عدم الحرمة الواقعيّة ، فلا يناقض مؤدّى الرواية لمؤدّى دليل الحرمة.
وأمّا الثاني : فلوضوح أنّ قوله : « حرّمت عليكم الخمر » يقتضي بعمومه حرمة الأشخاص الّتي منها المعلوم بالإجمال و « الشيء » في قوله : « كلّ شيء » ظاهر في شيء
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٩ الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.