الودعي ، فإنّه يقسّم أحد الدرهمين الباقيين بين المالكين ، مع العلم بأنّ دفع أحد النصفين إلى أحدهما دفع للمال إلى غير صاحبه.
ومنها : ما لو اختلف المتبايعان في الثمن أو المثمن على وجه انجرّ أمرهما إلى التحالف الموجب لا نفساخ العقد ، فإنّه يلزم بذلك مخالفة العلم الإجمالي بل العلم التفصيلي في بعض الفروض ، كما لو جمع العالم بالإجمال بين التصرّف في كلا فردي المتنازع فيه مع شهادة القرائن بعدم رضاء كليهما بذلك التصرّف ، إلى غير ذلك ممّا لا يخفى على المتتبّع.
قلت : مرجع هذا السؤال إلى نقض قاعدة حرمة مخالفة العلم الإجمالي بالموارد المذكورة ونظائرها ، ويدفعه : منبع صغرى مخالفة العلم الإجمالي في جملة منها ، ومنع كبراها في اخرى.
أمّا الأوّل : ففي أمثلة الإقرار والمثال الأخير ، فإنّ عموم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز يقتضي لزوم العمل بكلّ ما يصدق عليه أنّه إقرار ، والإقرار ممّا يقتضي ملكيّة المقرّ به للمقرّ له فوجب العمل به مهما أمكن ، وقد صدر من العاقل في المثال الأوّل إقراران في مال شخصي لزيد وعمرو وهذا المال بمقتضى إقراره الأوّل صار مستحقّا لزيد ويستحيل أن يكون مع ذلك مستحقّا لعمرو أيضا ، فينهض ذلك قرينة على إرادته الإقرار بقيمة المال وإن ذكر في العبارة عينه.
أو يقال : إنّ أفراد العامّ متساوي النسبة إلى العامّ فيجب العمل بالجميع بإجراء حكم العامّ عليه بقدر الإمكان ولو في بعض الوجوه ، وهذان الإقراران فردان من عموم إقرار العقلاء ، والعمل بهما معا في عين المال وإن كان لا يمكن إلاّ أنّه في العين والقيمة ممكن فيجب إنفاذ الأوّل في العين وإنفاذ الثاني في القيمة عملا بالعموم ، وتخصيص العين بزيد لسبق الإقرار له على الإقرار لعمرو ، فلا يبقى له محلّ إلاّ القيمة ، فالأخذ بكلّ منهما أخذ للمال بالحقّ ، وتصرّف كلّ من زيد وعمرو فيما يصل إليه تصرّف في ملكه عملا بمقتضى الإقرار ، فلا مخالفة في شيء من ذلك لعلم تفصيلي ولا إجمالي.
ومن هنا يظهر وجه عدم المخالفة في الثالث الآخذ لما في يد زيد وما في يد عمرو بابتياع أو استعارة أو نحو ذلك وتصرّفه فيهما معا ، فإنّه على الأوّل تصرّف في ملكه ، وعلى الثاني تصرّف في مال الغير بإذن صاحبه. كما يظهر الوجه في المثال الثالث ، فإنّ لفظة « بل » فيه إمّا عاطفة مفيدة للتشريك في الإقرار فينحلّ الكلام إلى أقارير ثلاث ، ينفذ أوّلها في العين والآخران في قيمتين لأحد الوجهين المتقدّمين ، أو للإضراب فتفيد نفي الحكم عن