عدم اطّراده ما لو أصاب قطرة نجاسة موضعا من الثوب مشتبها ، مع كونه من المحصور.
وأضعف منه ما عن كاشف اللثام (١) في مسألة المكان المشتبه بالنجس من احتمال كون الضابط هو أنّ ما يؤدّي اجتنابه إلى ترك الصلاة غالبا فهو غير محصور ، لعدم انضباطه ولا اطّراده ولا انعكاسه.
نعم يستفاد من بعض الأعلام (٢) تعريف المحصور بما أمكن إحاطة أفراده من غير تعذّر أو تعسّر عادة ، وغير المحصور خلافه ، وفي معناه ما عن الشهيد والمحقّق الثانيين (٣) والميسي (٤) وصاحب المدارك (٥) من تعريف غير المحصور بما يعسر عدّه عادة. وهذا وإن كان قريبا ممّا ذكرناه إلاّ أنّه لا يخلو عن عدم الانضباط ، لأنّ عسر العدّ وعدمه يختلف باختلاف الأشخاص والفروض والوقائع ، وقد يعسر عدّ الشيء بآحاده ولا يعسر بعشراته كما في الدراهم والدنانير.
وعن المحقّق الثاني تقييد عسر العدّ بزمان قصير (٦). وفيه أيضا من الإجمال وعدم الانضباط ما لا يخفى.
وليعلم أنّ المراد بالعدّ في هذا التفسير عدّ أطراف الشبهة بالطرق المتعارف فيه ، فإنّ لكلّ شيء عدّا على حسبه عند العرف ، فمن الأشياء ما يعدّ بالواحد العددي كالغنم والإبل وما أشبه ذلك ، ومنها ما يعدّ بالوزن ، ومنها بالكيل ، ومنها بالمساحة ، ومنها بالكفّ والغرفة ، ومنها ما يعسر عدّه بأجزائه مع كونه من الشبهة [ المحصورة ] ، ومنها ما يسهل عدّه بطريق الضرب كما في الأراضي مع كونه من الشبهة الغير المحصورة ، فليتدبّر في المقام لئلاّ يختلط الأمر.
ثمّ بالتأمّل فيما ذكرناه من ضابط الفرق تعرف أنّ حكم الشبهة الغير المحصورة هو عدم وجوب الاجتناب كما هو المعروف ، كما تعرف وجهه أيضا وهو رجوع الشكّ مع العلم الإجمالي الحاصل فيه إلى التكليف ، لدوران المعلوم بالإجمال بين ما يستحضره المكلّف ممّا ابتلي به وما لا يستحضره ممّا لا يبتلى به ، ففي نحوه يشكّ في تنجّز التكليف وتوجّه الخطاب بذلك العلم الإجمالي بالاجتناب عن المعلوم بالإجمال.
وقضيّة الشكّ في التكليف جريان الأصل ، وقضيّة جريانه جواز الارتكاب وإن صادف
__________________
(١) كشف اللثام ٣ : ٣٤٩.
(٢) القوانين ٢ : ٢٤.
(٣) انظر روض الجنان : ٢٢٤ ، وحاشية الإرشاد للمحقّق الثاني ( المخطوط ) : ٤٠ وفوائد الشرايع ( مخطوط ) : الورقة ٢٤ ، وجامع المقاصد ٢ : ١٦٦.
(٤) حكاه عنه في مفتاح الكرامة ٢ : ٢٥٣.
(٥) المدارك ٣ : ٢٥٣.
(٦) حاشية الإرشاد ( مخطوط ) : ٤٠ ـ ٤١ ، فوائد الشرائع ( مخطوط ) : الورقة ٢٤.