الحرام والنجس الواقعي في الواقع ، ومرجعه إلى عدم وجوب الموافقة القطعيّة للعلم الإجمالي في الشبهة الغير المحصورة ، وعليه مدار الإجماع المنقول على الحكم المذكور في حدّ الاستفاضة ، كما عن الروض (١) وجامع المقاصد (٢) وفوائد المحقّق البهبهاني (٣) وغيرهم (٤) ، بل ربّما ادّعى الضرورة فيه مع كون هذه الإجماعات بأنفسها حجّة مستقلّة لكون الحكم فرعيّا ، وقد يستدلّ بوجوه اخر غير تامّة :
منها : لزوم المشقّة والعسر والحرج في الاجتناب عن الشبهة الغير المحصورة ، فينفيه عموم قوله تعالى : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )(٥) وقوله تعالى : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(٦).
وفيه : منع الصغرى إن اريد لزوم العسر والحرج لكلّ واحد من آحاد المكلّفين ، ومنع الكبرى إن اريد لزومهما للنوع ولو في ضمن الأغلب ، على معنى كون العسر اللازم للأغلب في الاجتناب عن الشبهات الغير المحصورة موجبا لارتفاع التكليف بالاجتناب عن عامّتهم حتّى من كان الاجتناب عنها بالنسبة إليه في غاية السهولة ، لظهور الأدلّة النافية للعسر والحرج في إناطة التكليف وجودا وعدما بالعسر والحرج وجودا وعدما بالنسبة إلى الأشخاص لا النوع ، ويكفي فيه ظهور ضمائر الجمع في الآيتين في العموم الأفرادي كما قرّر في محلّه ، مع ما ورود الأدلّة النافية لهما في سياق الامتنان ولا امتنان بالنسبة إلى من لا عسر في حقّه ، مع ما يستلزمه رفع التكليف عنه من تفويت مصلحته عليه بلا تدارك.
مع إمكان منع تناول عمومها لمثل ما نحن فيه ، لأنّ مفادها نفي الحكم الواقعي الّذي هو مفاد الخطابات الواردة في العناوين الخاصّة عن الموارد العسرة من هذه العناوين ، ولا إشكال في أنّ المعلوم بالاجمال في جميع موارد الشبهة الغير المحصورة على حرمته أو نجاسته الواقعيّة على ما هو مؤدّى الخطابات الواردة في العناوين الصادقة عليه ، والكلام إنّما هو في وجوب الاجتناب عنه فعلا وعدمه ، ويظهر ثمرة كونه على حرمته أو نجاسته الواقعيّتين [ في ] ترتّب سائر الآثار المترتّبة على الحرام والنجس ، من الضمان ووجوب غسل موضع الملاقاة فيما إذا تبيّن بعد الارتكاب مصادفة الحرام والنجس الواقعيّين.
ومنها : الروايات العامّة النافية للتكليف عمّا لم يعلم حرمته بعينه ، وعمومها يتناول كلاّ
__________________
(١) روض الجنان : ٢٢٤.
(٢) جامع المقاصد ٢ : ١٦٦.
(٣) الفوائد الحائريّة : ٢٤٧.
(٤) انظر مفتاح الكرامة ٢ : ٢٥٣ والرياض ( الطبعة الحجرية ).
(٥) البقرة : ١٨٥.
(٦) الحجّ : ٧٨.