من المحصور وغيره ، إلاّ أنّ الأوّل خرج منه بدليله القاضي بوجوب الاجتناب وبقي غيره.
وفيه : منع عموم تلك الروايات لما نحن فيه ، وسنده ما تقدّم عند ردّ الاستدلال بها على عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة الغير المحصورة (١) من اختصاصها بالشبهات الابتدائيّة بواسطة ظهور قوله عليهالسلام : « كلّ شيء فيه حلال وحرام » (٢) فيها ولو سلّم العموم إمّا لأنّ من هذه الروايات ما لا مقتضي لاختصاصه بالشبهات الابتدائيّة كقوله عليهالسلام : « كلّ شيء لك حلال ... » (٣) إلى آخره ، أو لما قيل ـ وليس ببعيد ـ من أنّ الشبهة الابتدائيّة تؤول غالبا إلى الشبهة الغير المحصورة ، لأنّ كلّ ما يشكّ في حرمته أو نجاسته ابتداء فهو بعض من الأشياء الغير المحصورة الّتي يعلم إجمالا بأنّ فيها ما هو حرام أو نجس واقعي.
فنقول : إنّ المخرج للشبهة المحصورة عن العموم إنّما هو نفس الخطابات الواردة في تحريم المحرّمات الواقعيّة ، مع انضمام حكم العقل بكفاية العلم الإجمالي في تنجّز التكليف وتوجّه الخطاب فعلا إلى المكلّف العالم بالإجمال.
وأمّا الشبهة الغير المحصورة فإمّا أن يقال فيها أيضا بشمول الخطاب للمعلوم بالإجمال وحكم العقل بتنجّز التكليف بسبب العلم الإجمالي المفروض فيه ، أو يقال بمنع ذلك.
وعلى الأوّل : وجب الالتزام بخروجها أيضا كالمحصورة عن عموم الروايات.
وعلى الثاني : كفى عدم تأثير العلم الإجمالي المفروض في تنجّز التكليف في الالتزام بعدم وجوب الاجتناب ، ولا حاجة معه إلى تجشّم الاستدلال بالروايات وتكلّف تتميم دلالاتها بنحو ما ذكر.
فإن قلت : نعم لكن جواز الارتكاب لا بدّ له من مستند يعوّل عليه ، وليس إلاّ الأصل ، ولا بدّ له من مدرك وليس إلاّ الروايات ، فالاستدلال بهما إنّما هو لأجل أنّه لولاه لم يجز التعويل على الأصل.
قلت : فعلى هذا يرجع هذا الاستدلال إلى التمسّك بالأصل ، وهو الّذي سبق التمسّك به فلا يكون الروايات دليلا آخر غير الأصل.
ومنها : بعض الأخبار الدالّة على أنّ مجرّد العلم بوجود الحرام بين المشتبهات
__________________
(١) كذا في الأصل ، والصواب « الشبهة المحصورة » كما يعطيه التأمّل ، فراجع وتأمّل.
(٢) الوسائل ١٢ : ٥٩ الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به الحديث الأوّل.
(٣) الوسائل ١٢ : ٦٠ الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٤.