بوجوب أخذها كذلك في لحاظ الاستعمال أيضا ، وهذا واضح.
وأمّا الثالث : فلعود الضمير في قوله : « هو لك حلال » إلى الشيء المراد به ما اشتبه حكمه ، لا إلى المجهول بطريق الاستخدام ، وخروج المذكورات إنّما هو لأخذ وصف الاشتباه في الشيء بحيث لو لاه لم تكن خارجة ، لكون الجميع من الشيء كما هو الضابط في كلّ قيد احترازي ، مع أنّه لو سلّم عود الضمير إلى المجهول من باب الاستخدام لكان خروج المذكورات مستندا إلى ذلك الوصف بحيث لولاه لم تكن خارجة ، فلا معنى لمنع إخراجها تعليلا بأن لا جهالة فيها ، فإنّ القيد الاحترازي من شأنه إخراج ما انتفى عنه ذلك القيد.
وأمّا الرابع : فلأنّ خروج المذكورات وإن استند إلى اعتبار مفهوم المخالفة ، إلاّ أنّ السالبة اللازمة له ليست منتفية الموضوع بالمصطلح المنطقي ، وهو كون السلب باعتبار انتفاء ذات الموضوع ، لتحقّق الذات في جميع المذكورات وهي الّتي عبّر عنها في الرواية بالشيء ، ولذا لو لا تقييده باشتباه الحكم أو جهالته لدخلت فيه وشملها الحكم المستفاد من الرواية ، فالسلب حينئذ بعد التقييد المذكور إنّما هو باعتبار انتفاء وصف موضوع المنطوق ، فالقضيّة المفهوميّة من السالبة المتحقّقة الموضوع؟ فالسلب باعتبار انتفاء المحمول عن ذات الموضوع المتحقّقة في القضيّة ، وتوهّم كونها غير مفيدة فاسد ، لأنّها بنفسها فائدة القيد الوارد في الكلام ولا يعقل لها مع ذلك فائدة اخرى.
نعم إنّما يلزم السالبة المنتفية الموضوع على تقدير اعتبار مفهوم المخالفة في نحو « إن رزقت ولدا فاختنه ، وإن رزقت مالا فأنفقه » وغيرهما ، ممّا يرجع القيد الوارد في الكلام إلى كونه لبيان الموضوع لا لبيان انتفاء الحكم عند انتفاء القيد ، فليتدبّر.
ومن الفضلاء من انتصر القول بتعميم الرواية بإمكان أن يقال : إنّا إذا ضممنا عنوان مشتبه إلى عنوان معلوم الحرمة وعنوان معلوم الحلّية صدق على المجموع أنّه شيء فيه حلال وحرام ، فيثبت الحلّية للمشتبه الحكم لعدم العلم بحرمته ، وكذا لو جمعنا بين مصاديق الثلاثة فينسحب الحكم حينئذ من المصداق إلى العنوان ، ثمّ زيّفه بقوله : « وفي كلا الوجهين تعسّف ، فإنّ المتبادر من الرواية حلّية المشتبه من معلوم أحد النوعين بالآخر في الشيء المشتمل عليها » إنتهى (١).
وهذا في محلّه ، فإنّ الفرض إنّما يجدي في اندراج المفروض في الرواية إذا اريد من كلّ
__________________
(١) الفصول : ٣٥٣.