عن الإفطار والدخول في الصلاة على من يشكّ في دخول الوقت إلى أن يحصل له العلم بدخوله ، فإنّ وجوب الاحتياط في نحو هذه الصورة ممّا لا إشكال فيه ، ويساعد عليه الاستصحاب وقاعدة الشغل.
وربّما يحتمل خروج الرواية مخرج الردّ على أهل الخلاف ، لبنائهم في المغرب على كفاية استتار القرص ولم يعتبروا ذهاب الحمرة ، وكأنّ الراوي ممّن يعاشرهم وقوله عليهالسلام : « أرى لك أن تنتظر » (١) تعليم لطريق الاحتياط لحفظ الدين في أمر الصلاة والصوم بالانتظار لذهاب الحمرة الّذي مناط دخول الوقت ، إن اريد به ذهاب الحمرة المشرقيّة أو ما يلازمه وهو ذهاب الحمرة فوق الجبل ، فقوله عليهالسلام : « تأخذ بالحائطة لدينك » (٢) يراد به الأخذ بما يحفظ الدين ، وهو مراعاة ذهاب الحمرة لا متابعة العامّة في الاكتفاء باستتار القرص ، والحائطة للدين معناها الحافظ له ، فليست الرواية من الأمر بالاحتياط في العمل مع الشكّ في الحكم ، بل من الأمر بالاحتياط للدين وحفظه بمراعاة آدابه وأحكامه الّتي منها ذهاب الحمرة لدخول وقت الإفطار في الصوم والدخول في الصلاة.
وأمّا رواية الأمالي فلأنّها أيضا في غير محلّ البحث ، فإنّ قوله عليهالسلام : « أخوك دينك (٣) » تشبيه للدين بالأخ ، إغراء للراوي إلى الاهتمام في حفظه عن المنافيات والمضادّ من الحكم بغير ما أنزل الله ، والإفتاء بغير علم ، وشهادة الزور ، وتضييع حقّ وترويج باطل ، وقلّة مبالات في الأعمال والأموال والحقوق والفروج ، كما يهتمّ الإنسان بالاحتياط في أخيه ، لحفظه عن الموبقات والمهلكات والشرور والمضارّ في حاله وماله ، فهو ليس من الاحتياط في العمل عند الجهل بالحكم ، بل من الاحتياط بمعنى الاحتراز عن منافيات الدين لحفظه ، كما يقول الطبيب للمريض : « احتط » وهذا يجامع العلم بالحكم والتمكّن من تحصيله ، ولا ريب في وجوبه. وقوله : « بما شئت » ليس من باب التعليق على المشيّة ليلازم الاستحباب ، بل معناه : أنّ الاحتياط في هذا المقام بما شئت من قليل أو كثير فقد وقع في محلّه.
وأمّا المرويّ عن خطّ الشهيد فمع ضعفه كالبواقي ، فلظهور قوله عليهالسلام : « في جميع امورك » (٤) خصوصا بملاحظة إضافة الامور إلى المخاطب في الموضوعات الخارجيّة الّتي
__________________
(١ و ٢) نفس الحديث السابق.
(٣) امالي الشيخ ١ : ١٠٩.
(٤) الوسائل ١٨ : ١٢٧ الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، ح ٥٤ وفيه : ( ووجدت بخطّ الشهيد محمّد بن مكي قده ... ).