(لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) (٤٣٠) دلت هذه الآية على جواز العقد بغير مهر ، فاذا جاز خلو العقد من المهر كان القول قوله في عدم ذكره ، لأن الأصل عدمه.
هذا إذا كان قبل الدخول ، واما إذا وقع الاختلاف بعده فكذلك عند المصنف وغيره ممن تقدمه ، ووجهه عدم استلزام الدخول لوجوب المهر في ذمة الزوج ، بل قد يكون في ذمة غيره ، كما لو زوج الأب ولده الصغير المعسر ، وكما لو زوج المولى عبده ثمَّ أعتقه فإن المهر في ذمة الأب قطعا ، وفي ذمة المولى على الصحيح من المذهب ، وإذا ثبت ان الدخول لا يستلزم وجوب المهر في ذمة الداخل في بعض الصور كان القول قوله استنادا إلى البراءة الأصلية.
قال العلامة رحمهالله ـ ونعم ما قال ـ : والتحقيق انه ان أنكر التسمية صدق باليمين ، لكن يثبت عليه قبل الدخول مع الطلاق المتعة ، ومع الدخول مهر المثل ، والأقرب ان دعواها ان قصرت عنهما ثبت ما ادعته ، ولو أنكر الاستحقاق عقيب دعواها إياه أو دعواها التسمية فإن اعترف بالنكاح فالأقرب عدم سماعه ، هذا آخر كلامه رحمهالله ، وهو مشتمل على قبول إنكار التسمية وعدم قبول إنكاره الاستحقاق ، وقبول دعواها ان قصرت عما يستحقه بالطلاق أو الدخول مع عدم التسمية ، ومراده رحمهالله في ذلك إذا وقع الاختلاف بعد الطلاق أو بعد الدخول لا قبلهما ، لأنه إذا قبل قوله في عدم التسمية لم يستحق شيئا قبل الدخول أو الطلاق ، ولو مات قبلهما لم يثبت لها شيء من المهر ولو ادعى قبلها عدم الاستحقاق قبل قطعا وان لم يقبل عنده إذا وقع بعد أحدهما ، لأن الطلاق موجب للمتعة مع عدم التسمية ولنصف المسمى معها ، والأمر لا يخلو عن أحد القسمين فهو يستحق أخذهما ، فلما كان الأصل عدم التسمية كان عليه المتعة ، والدخول
__________________
(٤٣٠) البقرة : ٢٣٦.