يشترط العدالة في الإقرار بالعين إلا إذا كان هناك دين مستغرق ، وقال الشيخ في النهاية : إذا كان عليه دين مستغرق (٢١) فأقر أن جميع ما في ملكه لبعض ورثته لم يقبل إقراره إلا ببينة ، فان لم يكن عند المقر له بينة أعطى صاحب الدين حقه أو لا ثمَّ ما يبقى يكون ميراثا ، قال ابن إدريس : ما ذكره رحمهالله صحيح إن أضافه الى نفسه ولم يقل إنه حق واجب ، وأما إن أطلق إقراره ولم يقل : جميع ما في ملكي ، أو هذه داري لفلان ، بل قال : هذه الدار لفلان ، أو جميع هذا الشيء لفلان ، كان ذلك صحيحا ، سواء كان المقر له وارثا أو غير وارث ، في صحة كان إقراره أو في مرض ، وعلى جميع الأحوال.
قال العلامة في المختلف : والحق أن الشيخ رحمهالله لم يعتبر ما قاله ابن إدريس هنا ، إذ لا خصوصية لهذا الموضع بهذا الحكم ، بل إنما لم يقبل إقراره ، لأنه في الحقيقة إقرار في حق الغير فلا يسمع إلا بالبينة انتهى كلام العلامة ، والمراد بالبنية بينه المقر له على استحقاق المقر به ، وظاهر المختلف موافقة النهاية ، وهو الصحيح مع التهمة إذ لو صح ذلك لكان وسيلة إلى إسقاط حق أهل الدين ، لان كثيرا من الناس لا يبالي بذمته ويجتهد بإسقاط الحق عنه بالجحود والايمان الكاذبة والشهود المزوره ، فاذا حصل له إسقاط الحق عنه بإقراره ان ما في يده لورثته أو لغيرهم من غير بينة باستحقاق المقر له كان ذلك أهون عليه من كل شيء ، وفعل ذلك أكثر الناس الا الأتقياء والصالحين وقليل ما هم.
الثالث : انه يمضى من الأصل مطلقا ، سواء كان لوارث أو لأجنبي ، وسواء كان متهما أو غير متهم ، وهو قول سلار وابن إدريس ، لعموم : «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (٢٢).
__________________
(٢١) هذه الكلمة ليست في النسخ.
(٢٢) تقدمت في الصفحة السابقة.