إطلاقه على مرتبة الأحديّة الذاتيّة ، فإنّها ممّا لا يعلم به. ولذا قالوا : إنّ العالم هو ما سوى الله. فهذه المرتبة لكونها من فعل الله ، سوى الله ، وهو ممّا يمكن أن يعلم به ، ولمّا لم يسبق بغير الله فيكون عالما أوّلا ، ممكنا ذاتيّا لا واجبا كذلك ، وإن كان واجبا بالغير وقديما بالنسبة إلى ما دونه ، حادثا بالإضافة إلى ما فوقه ، وتسمّى هذه المرتبة بالحقيقة المحمّديّة ، فإنّها الجامعة لجميع الأسماء الحسنى ، والحاكية لجميع الصفات العليا ، ولذا ظهرت منها وبها ولها جميع الموجودات من المبدعات والكائنات والمخترعات ؛ كما قال : أنا من الله والمؤمنون منّي. وحديث شجرة اليقين المذكور في بعض الكتب كناية عن هذه المرتبة ، ورمز إلى هذا المقام ، ولمّا كانت هذه الحقيقة المقدّسة أوّل حاك عن الأسماء والصفات كانت نبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله أصليّة ، فإنّ معنى النبيّ هو المخبر المنبئ عن الله فكان هو أوّل النبيّين كما قال : كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين (١). ولمّا كانت نبوّته أصليّة لم ينصرم دونه (٢) إلى آخر الدهر [بخلاف] (٣) كما في سائر النبوّات ، فإنّها منصرمة ، فهو آخر النبيّين وخاتمهم.
الثالثة : مرتبة الواحديّة الجمعيّة وهي مرتبة ظهور الأسماء والصفات وتعيّنها وتميّزها وبروز كلّ عن مكمن الغيب إلى الشهود على وجه خاصّ بالفيض المقدّس ؛ كما أنّ استفاضة المرتبة الثانية كانت بالفيض الأقدس ،
__________________
(١) بحار الأنوار ١٦ : ٤٠٢.
(٢) «أ» : وقته.
(٣) «أ» : كما في.