المعاش والمعاد ، وإنّما أطلق عليه اسم الذنب لاعتذارهم عنه في مقام المناجاة ؛ إظهارا للتقصير في مقام العبوديّة لغاية التذلّل والتخشّع ؛ كما هو شأن العبد الذليل ، في حضرة الملك الجليل ، وقد يذكر لدفع هذه الشبهة وجوه اخر :
منها : أنّ الذنب مصدر مضاف إلى مفعوله دون فاعله ؛ أي لذنبهم إليك قديما بأذاهم لك في بدو البعثة وقبل الهجرة ، وحديثا بمنعهم لك عن دخول مكّة للحجّ ، وذلك بسبب دخول كثير منهم في الإسلام بسبب هذا الفتح الّذي صار سببا لشوكتك وعزّتك ، أو لزوال وصمة ما صنعوا بك من الإهانة والإذلال في المنع عن الدخول وغيره. فالمراد بالمغفرة على هذا : إزالة الوصمة والعار دون العفو عمّا صدر عنه بالاختيار ، فقد حصل الانجبار لهذا الانكسار ، بنصرة العزيز الجبّار.
ومنها : أنّه صلّى الله عليه وآله لمّا أظهر نبوّته وأمر المشركين بالتوحيد ونهاهم عن عبادة ثلاثمائة وستّين صنما ، كبر ذلك عليهم وقالوا : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) (١) ، فنسبوه إلى الكذب والذنب ، فلمّا وقع له هذا الفتح علموا أنّه كان صادقا يدعو من عند الله ؛ حيث أظهره عليهم ، وكسر أصنامهم ، وأذلّ رؤساءهم من عبدة الأصنام. وقد ورد حديث عن الرضا عليه السلام قريبا من هذا الوجه ، فالمراد بالمغفرة إزالة الوصمة باعتقادهم.
ومنها : أنّه من قبيل «إيّاك أعني واسمعي يا جاره» لما ورد من أنّ القرآن
__________________
(١) الشورى : ٥.