نزل على ذلك (١) ، فالمخاطب وإن كان [النبيّ صلّى الله عليه وآله] بحسب الظاهر إلّا أنّ المقصود منه هو الامّة لاتّصالهم به ، وانتسابهم إليه صلّى الله عليه وآله ، فجهادهم للمشركين وانتصارهم له صلّى الله عليه وآله في هذا الفتح صار سببا لمغفرة ذنوبهم الّتي صدرت عنهم قبل الفتح أو بعده.
وعلى هذا فالتجوّز إمّا في الإسناد ، لكفاية أدنى الملابسة في الإضافة ، أو في الكلمة ، لعلاقة المجاورة ونحوها. وكذا الكلام في الضمير المجرور باللام ، ولكنّ إبقاءه على ظاهره أولى ، فيكون المعنى : أنّ هذه المغفرة لهم كانت لأجلك ولحرمتك وشأنك ، لكونهم رعيّتك المتديّنين بدينك ، أو لشفاعتك (٢) لهم في الدنيا والآخرة.
ثمّ المراد بالامّة المغفورة المرحومة هم الامّة الإجابتيّة خاصّة ، وهم الّذين أجابوا دعوته ، واتّبعوا دينه ، وماتوا على ملّته الحنفيّة ، وإلّا فجميع من عاصره مذ دعا إلى توحيد الله إلى يوم القيامة كانوا من امّته وإن كانوا من اليهود أو النصارى أو غيرهم من أهل الملل وغيرهم ، بل قد يقال في تفسير الآية (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) من آدم إلى زمانك ، (وَما تَأَخَّرَ) من زمانك إلى يوم القيامة ، فإنّ الكلّ أمّته ، فإنّه ما من امّة إلّا وهي تحت شرع محمّد صلّى الله عليه وآله من اسم الباطن من حيث «كان نبيّا وآدم بين الماء والطين» (٣) فدعا الكلّ إلى الله ، فالكلّ أمّته من آدم إلى يوم القيامة ، فبشّره الله
__________________
(١) جاء في البحار ٩٢ : ٣٨٢ : عن أبي عبد الله عليه السلام قال : نزل القرآن بـ «إيّاك أعني واسمعي يا جاره».
(٢) «أ» : بشفاعتك.
(٣) بحار الأنوار ١٨ : ٢٧٨.