الأنبياء من حيث الحقيقة ، متأخّرا عنهم من حيث الصورة ؛ كما قال : نحن الآخرون السابقون (١).
وقال : وكنت نبيّا وآدم بين الماء والطين (٢).
وفي رواية : بين الروح والجسد (٣). أو لا روحا ولا جسدا ـ إلى أن قال ـ : وأضرب لك مثلا : دائرة ، لها وجود في الذهن ، ووجود في الخارج ، وهو مظهر للوجود الذهنيّ وصورته ، والذهنيّ حقيقيته ومعناه متقدّم عليه ، ووجودها الخارجيّ خطّ مستدير متألّف من نقط متواصلة ، ووجود كلّ نقطة منها مظهر وصف من أوصاف وجودها الذهنيّ ، ولا توجد حقيقتها في الخارج إلّا عند تكامل الأجزاء وتواصلها بوجود النقطة الأخيرة المتّصلة بالنقطة الأولى ، فالنقطة الأخيرة لاشتمالها على سائر النقط مظهر لحقيقة الدائرة ، وسائر النقط مظاهر أوصافها.
فكذلك مثل النبوّة ، دائرة لها وجود في الغيب هو حقيقتها ومعناها ، ووجود في الشهادة هو مظهرها وصورتها ، والحقيقة متقدّمة على الصورة من حيث الوجود ، متأخّرة عنها من حيث الظهور ، ووجودها الخارجيّ خطّ مستدير متألّف من نقط وجودات الأنبياء المتواصلة ، ووجود كلّ نقطة منها مظهر صفة من أوصافها في الوجود العينيّ ، ولا توجد في الخارج إلّا عند تكامل أجزائها من النقط بوجود النقطة الأخيرة الّتي هي الصورة الجزئيّة
__________________
(١) بحار الأنوار ٦١ : ٢٣٢.
(٢) بحار الأنوار ١٦ : ٤٠٢ ، عوالي اللئالي ٤ : ١٢١ ، مفتاح الفلاح : ٤١ ، المناقب ١ : ٢١٤.
(٣) بحار الأنوار ١٨ : ٢٧٨.