الكلّيّ الّذي ترتفع به جميع التعيّنات الملكيّة والملكوتيّة والجبروتيّة.
وهذا المحو والارتفاع إمّا دفعيّ ، وإمّا تدريجيّ ، والأوّل يسمّى بالتجلّي الجلاليّ ، والثاني بالجماليّ.
وكيف كان ، فهذا المقام هو صراطه المستقيم المخصوص به ، فالتنكير للتفخيم أو للنوعيّة ، وحاصله على ما قدّمناه هو صرف التوجّه عن غير الله إلى الله والالتفات بالكلّيّة عن علائق النفس إلى الله :
إذا شئت أن تحيا فمت عن علائق |
|
من الحسّ خمس ثمّ عن مدركاتها |
فقابل بوجه النفس عالم قدسها |
|
فذاك حياة النفس بعد مماتها |
ومنها : أنّ المراد بالهداية في الآية هو كشف الأسرار الإلهيّة وحقائق الأشياء على ما هي ، فإنّ الهداية أقسامها أربعة :
أحدها : ما عرفته وهو خاصّ بالأنبياء والأولياء ؛ كما قال : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (١) وقال : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٢).
وثانيها : إفاضة القوى الّتي يمكّن بها العبد من الاهتداء في مصالحه كالعاقلة والحواسّ الظاهرة والباطنة ؛ كما قال : (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) (٣).
وثالثها : نصب الدلائل الفارقة بين الحقّ والباطل ؛ كما قال :
__________________
(١) الأنعام : ٩٠.
(٢) العنكبوت : ٦٩.
(٣) الأعلى : ٣.