فهمك إلّا بمثال ، ولله المثل الأعلى.
ثمّ مثّل بمثال حاصله : أنّ العالم المتقن يعرفه بوّابه ، ويعرفه تلميذه ، والبوّاب يعرفه أنّه عالم بالشرع ، ومصنّف فيه ، ومرشد خلق الله إليه على الجملة ، والتلميذ يعرفه لا كمعرفة البوّاب.
بل يعرفه معرفة محيطة (١) بتفاصيل صفاته ومعلوماته.
بل العالم الّذي يحسن عشرة أنواع من العلوم لا يعرفه بالحقيقة تلميذه الّذي لم يحصّل إلّا نوعا واحدا فضلا عن خادمه الّذي لم يحصّل شيئا من العلوم.
بل الّذي حصّل علما واحدا فإنّما عرف على التحقيق عشرة إن ساواه في ذلك العلم حتّى لم يقصر عنه ، فإن قصر عنه فليس يعرف بالحقيقة ما قصر عنه إلّا باسم وإبهام الجملة ، وهو أنّه يعلم شيئا سوى ما علمه.
قال : فافهم تفاوت الخلق في معرفة الله ، فبقدر ما انكشف لهم من معلومات الله ، وعجائب مقدوراته ، وبدائع آياته في الدنيا والآخرة ، والملك والملكوت ، تزداد معرفتهم ، وتقرب معرفتهم من معرفة الحقيقة. انتهى.
وبالجملة : رسولنا الخاتم لكونه جامعا لجميع الكمالات بالإفاضة الكلّيّة والجود العامّ من الذات واقع في أعلى مراتب المعرفة بالأسماء والصفات ، والأنبياء كلّهم لعدم حكايتهم عن الجميع واقفون تحت مرتبته ، ولذا قال : لو كان موسى حيّا ما وسعه إلّا اتّباعي (٢).
__________________
(١) «أ» : محيط.
(٢) بحار الأنوار ٢ : ٩٩ ، معاني الأخبار : ٢٨٢.