أحدها : إنّ الأمر الواحد كما يكون متواطئا ، كذلك قد يكون مقولا بالتشكيك كالوجود عند الفهلويّين من الحكماء ، لقولهم بأنّه حقيقة واحدة ذات مراتب متعدّدة ؛ أي مقولة بالتشكيك على القويّ والضعيف ، وإن ذهب المشّائيّون إلى أنّ هذه المراتب حقائق متباينة ، وكالنور المختلف شدّة وضعفا ، والبياض والسواد وغيرها من الموضوع للمعنى الواحد الكلّيّ المقول بالتشكيك على الجزئيّات المتفاوتة بالقوّة والضعف ، والأوّليّة والأولويّة وضدّهما.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ الإيمان وإن كان هو مجرّد التصديق المذكور ، ولكنّ مراتبه مختلفة متفاوتة بحسب أسبابه من : علم اليقين ، وعين اليقين ، وحقّ اليقين ، وبحسب درجاته ومنازله بحسب الأخلاق الحسنة كثرة وقلّة ، وشدّة وضعفا ، وبحسب الاعتقادات الحقّة كذلك ، وبحسب الأعمال الصالحة كذلك ، وبحسب الاستعدادات والقابليّات كذلك ، وبحسب الأزمان والأوقات.
فيمكن أن يكون الشخص مع كونه مصداقا للمؤمن في مرتبة يزيد إيمانه فيصير مصداقا للمؤمن في مرتبة أعلى من المرتبة السابقة ، فيزداد مع إيمانه إيمانا أقوى ، ضرورة أنّ المرتبة العليا حائزة للمرتبة السفلى مع الزيادة ، فالعلوّ لا يقدح في صدق الإيمان على الإيمان المنحطّ عن هذه الدرجة ؛ نظير النور الحسّيّ ، فإنّه طبيعة مشكّكة ذات مراتب متفاوتة مع كونه موضوعا للظاهر بنفسه ، المظهر لغيره.
قال بعض الأفاضل : فالاختلاف بين الأنوار ليس اختلافا نوعيّا ؛ بل