بالقوّة والضعف ، فإنّ المعتبر في النور أن يكون ظاهرا بالذات ، مظهرا للغير. وهذا متحقّق في كلّ واحدة من مراتب الأشعّة والأظلّة ، فلا الضعف قادح في كون المرتبة الضعيفة نورا ، ولا القوّة والشدّة ، ولا التوسّط شرط أو مقوّم إلّا للمرتبة الخاصّة ، بمعنى ما ليس بخارج عنها أو قادح فالقويّ هو النور ، والمتوسّط أيضا هو هو ، وكذا الضعيف ، فالنور عرض عريض باعتبار مراتبه البسيطة ، ولكلّ مرتبة أيضا عرض باعتبار إضافتها إلى القوابل المتعدّدة. انتهى كلامه رفع مقامه.
فالكلام في الإيمان هو الكلام في النور حرفا بحرف ، بل هو النور الحقيقيّ الّذي تستنير به قلوب المؤمنين ، وصدور العارفين : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) (١).
ويدلّ على ما ذكرناه جملة من الروايات ؛ ففي رواية ابن أبي الأحوص عن الصادق عليه السلام : إنّ الله عزّ وجلّ وضع الإيمان على سبعة أسهم ، على : البرّ ، والصدق ، واليقين ، والرضا ، والوفاء ، والعلم ، والحلم ، ثمّ قسّم ذلك بين الناس ، فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل ، وقسّم لبعض الناس السهم ، ولبعض السهمين ، ولبعض الثلاثة حتّى انتهوا إلى سبعة ، ثمّ قال : لا تحملوا على صاحب السهم سهمين ، ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهضوهم ، ثمّ قال : كذلك حتّى ينتهي إلى سبعة (٢). انتهى.
وفي رواية القراطيسيّ عنه عليه السلام : إنّ الإيمان عشر درجات بمنزلة
__________________
(١) النور : ٤٠.
(٢) الكافي ٢ : ٤٢.