وهذا هو ظنّ السوء الّذي ظنّوه برسول الله صلّى الله عليه وآله وأصحابه ؛ حيث ظنّوا هلاكهم لقلّة عددهم وعدّتهم بخلاف أعدائهم ومعانديهم من قريش ومعاونيهم من سائر القبائل ، وقد زيّن الشيطان ذلك في قلوبهم ولم يعلموا أنّ النصر بيد الله : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) (١).
و «الأهلون» جمع الأهل ، ولكنّه على خلاف القياس ، فإنّ من شرط هذا الجمع أن يكون مفرده علما أو وصفا ، وليس «الأهل» بشيء منهما ، فإنّه يطلق على من يجمع الشخص وإيّاهم مسكن واحد ، أو نسب واحد ، أو دين واحد ، أو نحو ذلك.
وقد يجمع على «أهلات» بسكون الهاء وفتحها ، ولكن قد يقال : إنّهما (٢) جمعا «أهلة» بالتاء ، وعلى «آهال» كأفراخ ؛ قال الشاعر :
وبلدة ما الأنس من آهالها
وعلى «الأهالي» بزيادة الياء على خلاف القياس ؛ كالليالي في الليل ، ولكن في «الأنوار» إنّه اسم جمع كليال.
و «البور» بضمّ الباء ؛ في الأصل مصدر ، لا يثنّى ولا يجمع ، ومعناه : الفساد والهلاك ، والمراد به هنا الهلكى ، وصفوا به من باب المبالغة ؛ كما في قولهم : زيد عدل. قال الشاعر :
يا رسول المليك إنّ لساني |
|
راتق ما فتقت إذ أنا بور |
أي : فاسد ، هالك ، وفيه شهادة على فساد ما قيل من أنّه جمع «بائر»
__________________
(١) البقرة : ٢٤٩.
(٢) أي كلمة «الأهلون» و «أهلات».