فإطلاق «الملك» و «ملك الملوك» على ملوك الدنيا مجازيّ ؛ نظير إطلاق الفرس على المنقوش على الجدار ، ولذا يقول : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (١).
وقوله : (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) إشارة إلى بعض تصرّفاته وسلطنته ؛ أي يعفو عن ذنوب من يشاء بفضله ؛ على وفق حكمته.
(وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) إذا عصى ، بعدله ومصلحته.
وتفسير الأشاعرة بما يلزم الجبر وينافي العدل لا يصغى إليه.
وفي قوله : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) ... إلى آخره إشارة إلى أنّ رحمته سابقة على غضبه ، وأنّ الرحمة والغفران من صفات الذات ، وأنّ العذاب داخل تحت قضائه بالعرض ، فإنّ الغرض الأصليّ من الخلق كان هو الرحمة ؛ كما قال : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (٢) لا التعذيب ، ولذا قال : إنّ رحمتي سبقت غضبي (٣).
ويحتمل أن يكون وصفه بـ «غفورا» ناظرا إلى قوله : (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) يعني يغفر كثيرا من الذنوب لكثير من المذنبين ، وب «رحيما» ناظرا إلى قوله : (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) يعني يرحمهم ويعفو عمّن يعذّبه في آخر الأمر إذا لم يستحقّ الخلود.
ويمكن أن يكون إشارة إلى أنّ التعذيب أيضا من مقتضى رحمته ، فإنّ فيه إصلاحا لحاله ، وتطهيرا لقلبه من أو ساخ الذنوب ، ليأهل لمرافقة الأبرار في دار القرار.
__________________
(١) غافر : ١٦.
(٢) هود : ١١٩.
(٣) الكافي ٢ : ٢٧٤.