من جمال مشاهدته لأسرار المحبّين فغاروا في بحار حبّه ، وب «الهاء» تجلّى الحقّ من هويّته لفؤاد المقرّبين فتاهوا في بيداء التحيّر من سطوات عظمته. انتهى.
ثمّ ليعلم أنّ هذه الأسماء المباركات ما عدا الثانية من أسماء الصفات الثبوتيّة الحقيقيّة الّتي هي عين ذاته ، وأمّا هي وإن كانت كذلك في بادئ النظر إلّا أنّها في دقيق النظر كالسبّوحيّة ، من الصفات السلبيّة بالمعنى الأعمّ ، فإنّها على ما صرّح بعض الفحول أعمّ ممّا ينتطق فيها بحرف السلب ، مثل قولهم : إنّه تعالى ليس بجسم ، أو ليس بجوهر ، أو ليس بعرض ، أو لم ينتطق به ، بل عبّر فيها بما يرجع إلى السلب من اللفظ البسيط كالقدّوس والسبّوح ، فإنّ معناها كما عرفت أنّه تعالى منزّه ومبعّد عن النقائص ، فهما بمنزلة قولهم : إنّه تعالى ليس بجسم ، وليس له شريك ، إلى غير ذلك. وهذا نظير أن تقول : زيد أمّيّ ، فإنّه راجع إلى قولك : زيد ليس بكاتب ، فتأمّل.
وليعلم أنّ صفاته تعالى إمّا سلبيّة ، وإمّا ثبوتيّة ، وتسمّى الأولى بـ «الجلاليّة» و «القهريّة» و «التنزيهيّة» ومرجعها إلى سلب النقائص كلّها عنه تعالى ، وهذه ليست بعين الذات قطعا ، فإنّ السلب عدم فلا يتطرّق فيما هو كلّ الوجود ، والثانية بـ «الجماليّة» و «اللطفيّة» و «الإكراميّة» وهذه على أقسام ثلاثة :
أحدها : الحقيقيّة المحضة المجرّدة عن الإضافة إلى غيره تعالى كحياته تعالى وعلمه بذاته ، وهذه عين ذاته مصداقا وإن اختلفت مفهوما واعتبارا ، وهذا الاختلاف لا يوجب التعدّد في الذات ضرورة جواز انتزاع مفاهيم