تعالى : (الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (١) وإن كان ظاهره الوصف والنعت التعليل للمقالة السابقة والبرهان عليها ، ضرورة أنّ المتّصف بهذه الصفات العليا المتّسم بهذه الأسماء الحسنى ، مستحق بذاته للتسبيح والتقديس ، بل التعبير بلفظة الجلالة كاف لصدق هذه المقالة ، فإنّها اسم للذات المستجمعة لجميع الصفات الكماليّة : من الجماليّة والجلاليّة المقدّسة عن تمام النقائص الإمكانيّة ، وقد فصّلنا ذلك مع سائر ما يتعلّق بهذه اللفظة في تفسير سورة «الفاتحة».
قال بعض العارفين : وأمّا كلمة «الله» فإنّه اسم الجمع لا ينكشف إلّا لأهل الجمع ، وكلّ اسم يتعلّق بصفة من صفاته إلّا «الله» فإنّه يتعلّق بذاته وجميع صفاته ، ولأجل ذلك هو اسم الجمع ، أخبر الحقّ عن نفسه باسمه «الله» ، فما يعرفه إلّا هو ولا يتكلّم به إلّا هو ، لأنّ «الألف» إشارة إلى الأنانيّة والوحدانيّة ، ولا سبيل للخلق إلى معرفتها إلّا الحقّ تعالى شأنه ، وفي اسمه «الله» «لامان» الاولى إشارة إلى الجمال ، والثانية إشارة إلى الجلال ، والصفتان لا يعرفهما إلّا صاحب الصفات و «الهاء» إشارة إلى هويّته ، وهويّته لا يعرفها إلّا هو ، و [الخلق] (٢) معزولون عن حقائقه ، محتجبون بحروفه عن معرفته ، وب «الألف» تجلّى الحقّ من أنانيّته لقلوب الموحّدين ... (٣) وب «اللام» الاولى تجلّى الحقّ من أزليّته لأرواح العارفين فانفردوا بانفراده ، وب «اللام» الثانية تجلّى الحقّ
__________________
(١) الجمعة : ١.
(٢) في الأصل : الحقّ.
(٣) في الأصل كلمة غير مقروءة.