وفيه : إنّ من الأفعال ما يتعدّى تارة بالنفس ، وأخرى بالحرف ، كنصحته ونصحت له ، وشكرته وشكرت له ، وغفرته وغفرت له ، وسجدته وسجدت له ، ووهبته ووهبت له ، ومنها : سبّحته وسبّحت له ، قال الله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) (١) وقال : (يُسَبِّحُونَهُ) (٢) وقال : (سَبِّحُوهُ) (٣) وقال : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٤) فلا حاجة إلى هذا التكلّف.
وقد يقال : إنّ هذه «اللام» زائدة للتوكيد ؛ إذ من أقسامها كما في «المغني» المعترضة بين الفعل المتعدّي ومفعوله كما في قوله :
وملكت ما بين العراق ويثرب |
|
ملكا أجار لمسلم ومعاهد |
وقوله تعالى : (رَدِفَ لَكُمْ) (٥) إن لم نقل فيه بالتضمّن لمعنى «اقترب لكم». فتأمّل.
وقد يقال : إنّها زائدة للتقوية ، وفيه نظر ، فإنّها تزاد فيما ضعف عن العمل كما في اسمي الفاعل والمفعول والمصدر ، وفيما لو تأخّر الفعل عن معموله ، وليس المقام من ذلك.
وكيف كان ففي الآية وأشباهها رمز لطيف إلى عتاب من يستنكف عن عبادة الله وتسبيحه بأنّ من يسبّحه جميع الموجودات من العلويّات والسفليّات كيف لا يتوجّه إلى تسبيحه المشركون الملحدون؟! وكأنّ قوله
__________________
(١) الجمعة : ١.
(٢) الأعراف : ٢٠٦.
(٣) الأحزاب : ٤٢.
(٤) النور : ٤١.
(٥) النمل : ٧٢.