وعن محيي الدين أنّه قال : إنّ المسمّى بالجماد والنبات له أرواح بطنت عن إدراك غير أهل الكشف إيّاه في العادة فلا يحسّ به مثل ما يحسّ به من الحيوان ، فالكلّ عند أهل الكشف حيوان بل ناطق ، غير أنّ هذا المزاج الخاصّ يسمّى إنسانا لا غير ، زدنا مع الإيمان بالأخبار ، الكشف ؛ فقد سمعنا الأحجار تذكر الله رؤية عيان بلسان تسمعه آذاننا ، وتخاطبنا مخاطبة العارفين بجلال الله ممّا ليس يدركه كلّ إنسان.
وفي «مجمع البيان» : أي ينزّهه سبحانه كلّ شيء ويشهد له بالوحدانيّة والربوبيّة بما ركّب فيها من بدائع الحكمة وعجائب الصنعة الدالّة على أنّه قادر عالم حيّ قديم سميع بصير حكيم ، لا يشبه شيئا ، ولا يشبهه شيء (١).
وكلمة «ما» إن قلنا بوضعها لما يطلق على ذوي العقول وغيرهم فدلالة الآية على تسبيح جميع الأشياء بالمنطوق واضحة ، وإن قلنا باختصاصها بالثاني فالدلالة بالفحوى على الأوّل لأحقّيّته وأولويّته بذلك فتأمّل.
لا يقال : إنّ الآية دلّت على تسبيح ما في السماوات وما في الأرض ، ولم تدلّ على تسبيح نفسهما ، فإنّ الأرض أيضا من جملة ما في السماوات ، حيث إنّها محيطة بها ، ولعلّ المراد بـ «السماوات» جهات العلوّ لا خصوص الأفلاك.
وقد يقال : إنّ «اللام» في «لله» بمعنى «لأجل» والمفعول محذوف ، أي ، يسبّحه ما فيهما لأجل استحقاقه للتسبيح خالصا مخلصا له التسبيح وهو بعيد ، ولعلّ تكلّفه لتعدّي «يسبّح» بنفسه ، فلا حاجة إلى توسيط «اللام».
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلّد ٥ : ٤٢٨.