والتسبّب بأمور الدنيا ليقوّي بها دواعيهم إلى الإيمان والعمل الصالح ... إلى آخره.
وفي سورة «البقرة» : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (١) وفيها أيضا حكاية عن دعاء إبراهيم عليه السلام : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢) وفي سورة «آل عمران» : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٣).
ولعلّ وجه تقديم التزكية الّتي هي عبارة عن رياضة النفس ، وتصفية القلب عن الكدورات الشيطانيّة ، وتنقيته عن أوساخ التعلّقات الدنيويّة ، وتخليته عن أرجاس الحرص والطمع والبخل والحقد والحسد ونحوها من الأمراض القلبيّة ، على تعليم الكتاب والحكمة في هذه الآية وأشباهها للإشارة إلى أنّ تعلّمهما لا يفيد بدونها ، كيف والقلوب أوعية للعلوم والمعارف ، فلا بدّ في تأثّرها بها من إفراغها عمّا لا يناسبها ، ولا سيّما عن أضدادها ومنافياتها من الشهوات النفسانيّة ، واللذّات الجسمانيّة.
وقد روي أنّه ليس العلم في السماء حتّى ينزل عليكم ، ولا في الأرض
__________________
(١) البقرة : ١٥٠ ـ ١٥١.
(٢) البقرة : ١٢٩.
(٣) آل عمران : ١٦٤.