فينبت لكم ، بل هو مكنون فيكم فتخلّقوا بأخلاق الله يظهر لكم.
وفي رواية : من أخلص لله أربعين صباحا فتح الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه (١).
وفي اخرى : ما أجمل عبد ذكر الله أربعين يوما إلّا وهداه الله في الدنيا ، وبصّره داءها ، وأثبت الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه (٢).
والحاصل : إنّ تزكية النفس مقدّمة لحصول العلم الحقيقيّ وقبول القلب لآثاره ، والمراد بالعلم الحقيقيّ هو المعارف الحقّة ، والأسرار الغيبيّة المكنونة الّتي لا يطّلع عليها إلّا الأوحديّ الّذي شرح الله صدره للإيمان ، وهداه بنوره إلى الصراط المستقيم ، وهذا العلم يسمّى بـ «علم المكاشفة» ، وإليه أشار عليّ بن الحسين عليهما السلام فيما نسب إليه من شعره :
إنّي لأكتم من علمي جواهره |
|
كي لا يرى الحقّ ذو جهل فيفتتنا |
فقد تقدّم في هذا أبو حسن |
|
إلى الحسين ووصّى قبله الحسنا |
يا ربّ جوهر [قدس] لو أبوح به |
|
لقيل لي أنت ممّن يعبد الوثنا |
ولا ستحلّ رجال مسلمون دمي |
|
يرون أقبح ما يأتونه حسنا |
فإن قلت : إذا كان حصول العلم مرتّبا على التزكية فلم أخّرها في دعوة إبراهيم عليه السلام؟ قلت : أوّلا ، إنّ «الواو» لا تدلّ على الترتيب ، وإنّما ذكرنا ما ذكرناه من باب الاحتمال ، ولعلّ وجه التقديم لمكان زيادة الاهتمام بالتزكية ، كيف والغرض الأصليّ من تحصيل العلم هو العمل الّذي يحصل به
__________________
(١) جامع الأخبار : ٩٤.
(٢) الكافي ٢ : ١٦.