وعن ابن وهب قلت لمالك : ما الحكمة؟ قال : معرفة الدين والفقه فيه والاتّباع له ، وإليه ذهب الشافعيّ ، وهي سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله لأنّه ذكر تلاوة القرآن ثمّ تعليمه ، ثمّ عطف عليه الحكمة فيكون شيئا خارجا عنهما ، وليس ذلك إلّا سنة الرسول ، فإنّ الدلائل العقليّة الدالّة على التوحيد والنبوّة وما يتلوهما مستقلّة بالفهم ، فحمل اللفظ على ما لا يستفاد إلّا من الشرع أولى.
وقيل : هي الفصل بين الحقّ والباطل من الحكم.
وقيل : المراد بـ «الكتاب» الآيات المحكمات ، وب «الحكمة» المتشابهات.
وقيل : هي ما في أحكام الكتاب من الحكم والمصالح. انتهى كلامه.
وهو ملخّص ما ذكره الفخر الرازيّ في تفسيره ، وفيه عند تفسير دعوة إبراهيم عليه السلام المذكورة في سورة «البقرة» ، واعلم أنّه تعالى لمّا طلب بعثة رسول منهم إليهم ذكر لذلك الرسول صفات أوّلها قوله : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ) (١) وفيه وجهان :
الأوّل : أنّها الفرقان الّذي أنزل على محمّد صلّى الله عليه وآله لأنّ الّذي كان يتلوه عليهم ليس إلّا ذلك ، فيجب حمله عليه.
الثاني : يجوز أن تكون «الآيات» هي الأعلام الدالّة على وجود الصانع وصفاته سبحانه وتعالى ، ومعنى تلاوته إيّاها عليهم أنّه كان يذكّرهم بها ويدعوهم إليها ويحملهم على الإيمان بها.
__________________
(١) البقرة : ١٢٩.