قال ابن هشام : وحيث وجدت «إن» وبعدها «اللام» المفتوحة كما في هذه الأمثلة فاحكم بأنّ أصلها التشديد.
وتسمّى هذه «اللام» بالفارقة ، لأنّها مع إفادة زيادتها التأكيد للنسبة تفيد الفرق بين «إن» المخفّفة والنافية ، وقد يقال إنّها لام الابتداء تدخله في خبر الناسخ ، قيل : فإنّها كانت مختصّة بالدخول على المبتدأ والخبر في الأصل ، فلمّا خفّفت وضعف شبهها بالفعل جاز دخولها على الفعل لئلّا تفارق محلّها بالكلّيّة.
قال في الكشّاف : و «إن» في (وَإِنْ كانُوا) هي المخفّفة من الثقيلة و «اللام» دليل عليها ، أي كانوا في ضلال لا ترى ضلالا أعظم منه (١). انتهى.
وقد يقال : إنّ «إن» في الآية وأمثالها نافية ، و «اللام» بعدها بمعنى إلّا ، ولذا فسّر الطبرسيّ رحمه الله هذه الجملة بقوله : ومعناه وما كانوا من قبل بعثه إليهم إلّا في عدول عن الحقّ ، وذهاب عن الدين بيّن ظاهر (٢). انتهى.
وهذا إنّما يصحّ على مذهب الكوفيّين حيث زعموا أنّ «إنّ» لا تخفّف ، وأنّه إذا قيل : «إن زيد لمنطلق» فـ «إن» فيه نافية و «اللام» بمعنى إلّا.
قال ابن هشام : ويردّه أنّ منهم من يعملها مع التخفيف ، حكى سيبويه : إن عمرا لمنطلق.
وقرأ الحرميّان (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) (٣). انتهى.
__________________
(١) الكشّاف ٤ : ٥٣٠.
(٢) مجمع البيان ، المجلّد ٥ : ٤٢٩.
(٣) هود : ١١١.