أنّ قوله تعالى : (قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ) (١) آية مستقلّة لاجزء الآية ؛ أي قوله : (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا) ... (٢) إلى آخره.
قال الطبرسيّ رحمه الله في أوائل مجمع البيان : والفائدة في معرفة ؛ آي القرآن أنّ القارئ إذا عدّها بأصابعه كان أكثر ثوابا ، لأنّه قد شغل يده بالقرآن مع قلبه ولسانه ، وبالحريّ أن تشهد له يوم القيامة ، فإنّها مسؤولة ، ولأنّ ذلك أقرب إلى التحفّظ ، فإنّ القارئ لا يأمن السهو (٣). انتهى.
وليعلم أنّ لفظ «السورة» يهمز ولا يهمز ؛ كما هو المشهور.
قال الحسن بن محمّد القمّيّ النيسابوريّ في تفسيره المسمّى بغرائب القرآن : وعليه ـ أي على ترك الهمز ـ القراءة ، قال : والسورة اسم لآي جمعت وقرنت بعضها إلى بعض حتّى تمّت وكملت وبلغت في الطول المقدار الّذي أراد الله تعالى ، ثمّ فصل بينها وبين سورة أخرى ببسم الله الرحمن الرحيم ، ولا تكون السورة إلّا معروف المبتدأ ، ومعلوم المنتهى.
وقيل : اشتقاقها من سور البناء والمدينة ، لأنّ السور يوضع بعضه فوق بعض حتّى ينتهي إلى الارتفاع الّذي يراد ، فالقرآن أيضا وضع آية إلى جنب آية حتّى بلغت السورة في عدد الآي المبلغ الّذي أراد الله تعالى.
وقيل : سمّيت سورة ، لأنّها وصفت بالعلوّ والرفعة ؛ كما أنّ سور المدينة سمّي سورا لارتفاعه. قال النابغة :
__________________
(١) الملك : ٩.
(٢) الملك : ٨.
(٣) مجمع البيان ١ : ٩.