وبالكسر يختصّ بغير العقلاء. وقيل : بينهما عموم وخصوص من وجه ، فالمضموم هو التسلّط على من يتأتّى منه الطاعة ، ويكون بالاستحقاق وغيره ، والمكسور كذلك ، إلّا أنّه لا يكون إلّا بالاستحقاق. والملك بالفتح وكسر اللّام أدلّ على التعظيم بالنسبة إلى المالك ، لأنّ «التصرّف» في العقلاء المأمورين بالأمر والنهي أرفع وأشرف من التصرّف في الأعيان المملوكة الّتي أشرفها العبيد والإماء ... إلى آخره. انتهى.
ويظهر من بعض العارفين أنّ المراد بالملك في الآية هو ملك مشاهدة الحقّ ، قال : وهم ؛ ـ أي المحبّون ـ في ملك قربه لا ينقطع عنهم وصاله أبدا. انتهى.
ويحتمل أن يراد بـ «الملك» النبوّة والرسالة ؛ كما قال : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (١) وأن يراد به الولاية العامّة والخاصّة ، وكيف كان فالحمل على العموم أولى.
ويظهر ممّا ذكرناه أنّ الملك بالضمّ مبدأ لاشتقاق الملك بالفتح فالكسر ، وبالكسر مبدأ لاشتقاق المالك ، فترجح قراءة من قرأ في سورة الفاتحة : ملك يوم الدين على قراءة من قرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ومن قرأ : ملك يوم الدين على صيغة الفعل الماضي ، فإنّ الملكيّة مستلزمة للقدرة على التصرّف دون المالكيّة ، مع أنّ الأولى تقتضي التصرّف في عظائم الأمور وجلائلها دون الثانية ، يقال : فلان مالك الدرهم ، ولا يقال : ملك الدرهم ، ويقال : فلان ملك الدهر ، ولا يقال : مالك الدهر.
__________________
(١) الأنعام : ١٢٤.