ملك حقيقيّ ، كذلك ملكه ملك حقيقيّ دائميّ سرمديّ ، لعموم قدرته على كلّ ما حوته بقعة الإمكان ممّا يصدق عليه لفظ الشيء ، وهو ما أمكن وجوده بالإمكان العامّ دون ما امتنع وجوده ، فإنّ الشيئيّة تساوق الوجود ، وتخصيص التفسير بالإنعام والانتقام ـ كما في مجمع البيان (١) ـ لا وجه له.
وفسّر البيضاويّ «كلّ شيء» بكلّ ما يشاء ، ويستفاد من بعض الأخبار أنّ الشيء هو ما قدّر وما كوّن ، وهو ما روي عن الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى : (أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) (٢) أنّه قال : أي لا مقدّرا ولا مكوّنا (٣). وربّما يفسّر الشيء في الآية بما يصحّ أن يكون مقدورا له تعالى ، قيل : وهو أخصّ من قولنا «وهو بكلّ شيء عليم» لأنّه لا شيء إلّا ويجب أن يعلمه إذ لا شيء إلّا ويصحّ أن يكون معلوما في نفسه ولا يوصف سبحانه بكونه قادرا على ما لا يصحّ أن يكون مقدورا في نفسه ؛ مثل ما تقضّى وقته ممّا لا يبقى.
وصرّح بعضهم بأنّه يجوز إطلاق الشيء على المعدوم والمحال كشريك الباري. ومن هنا قال بعضهم : كيف قيل : «على كلّ شيء قدير» وفي الأشياء ما لا تعلّق به للقادر ؛ كالمستحيل ، وفعل قادر آخر؟
وأجيب عنه بأنّه مشروط في حدّ القادر أن لا يكون الفعل مستحيلا ، فالمستحيل مستثنى في نفسه عند ذكر القادر على الأشياء كلّها ، فكأنّه قال :
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤٠٨.
(٢) مريم : ٦٧. وفي المصدر : ولقد خلقنا الإنسان من قبل ولم يك شيئا وهو خلط بين الآيتين.
(٣) الكافي ١ : ١٤٧.