على كلّ شيء مستقيم قدير ، وسيأتي لهذا زيادة توضيح.
والتحقيق : أن يقال : إنّا إن اعتبرنا في صدق الشيء إمكان الوجود الخارجيّ ، فلا يطلق على المعدوم والمحال ، وإن اعتبرنا إمكان الوجود بنحو من الأنحاء ولو في ظرف الذهن كما هو الحقّ ، فلا مانع من إطلاقه على ما ذكر ؛ إذ من الواضح أنّ لكلّ لفظ ـ حتّى شريك الباري ـ مفهوما يدلّ عليه هذا اللفظ ، وإلّا لكان هذا اللفظ من الألفاظ المهملة ، ولذا قسّموا الكلّيّ إلى ما امتنع وجوده في الخارج ، وما أمكن.
وهل يجوز إطلاق الشيء على الله سبحانه؟ قيل : لا ، لأنّه قال : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (١) فلو كان شيئا لزم أن يكون خالق نفسه ، فيكون حادثا مخلوقا ، والمفروض قدمه وسابقيّته على الأشياء كلّها ، ومثله الآية المبحوث عنها ، فإنّه يلزم كونه مقدورا ، والمفروض أنّه على كلّ شيء قدير ، ولقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٢) فإنّه تعالى حكم بأنّ مثل مثله ليس بشيء ، ولا شكّ أنّ كلّ شيء مثل لمثل نفسه ، وثبت بهذه الآية أنّ مثل مثله ليس بشيء ، فهو تعالى غير مسمّى بالشيء.
ولأنّ أسماء الله يفيد كلّ منها صفة جمال أو صفة جلال. وبعبارة : مفيد لمدح وكمال ، ولا مدح في وصف شيء بشيء ، فينتج أنّ لفظ الشيء ليس من أسماء الله.
ولأنّ هذا اللفظ في غاية الحقارة ، فكيف يخاطب من هو أعظم من كلّ شيء.
__________________
(١) الزمر : ٦٢.
(٢) الشورى : ١١.