ولأنّ أسماء الله توقيفيّة ، ولم ينقل عن النبيّ صلّى الله عليه وآله ولا عن أصحابه مخاطبة الله بلفظ «يا شيء».
ولأنّه تعالى قال : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) (١) وهذا اللفظ لم يذكر في أسمائه الحسنى ، فمن دعاه بلفظ الشيء فقد ألحد في أسمائه.
وفي جميع هذه الوجوه نظر :
أمّا الأوّل ، فلأنّ العامّ يخصّص ، وقد اشتهر أنّه «ما من عامّ إلّا وقد خصّ» ، ولا يلزم أن يكون المخصّص لفظا ، فقد يكون التخصيص بالعقل ، وقد يكون بالإجماع ، وقد يكون بالعرف والعادة ، وقد يكون بغير ذلك.
والعقل والضرورة قاضيان في المقام بالتخصيص ؛ كما لا يخفى.
والجواب عن الثاني : أنّ الكاف زائدة ، فتدبّر.
وعن الثالث : ما ذكره النيسابوريّ في تفسيره من أنّ الشيء خير من لا شيء ، قال : وإن كان سائر الأشياء مشتركة معه في ذلك كالموجود والكريم والحليم ، فإنّ كلّا منها مدح بالنسبة إلى من لا وجود له ولا كرم ولا حلم ، بل الشيء بالحقيقة هو وباقي الأشياء شيئيّتها مستعارة كوجودها. انتهى ، فتأمّل.
وعن الرابع : بالمنع ، كيف وشيئيّة كلّ شيء بحسبه ، وشيئيّة الحقّ سبحانه أعظم من جميع الشيئيّات ، هذا مع ما عرفت من أنّ الشيئيّة مساوقة للوجود ، ولم يختلف المسلمون في جواز إطلاقه عليه.
__________________
(١) الأعراف : ١٨٠.