وعن الخامس : أنّ التوقيفيّة لو سلّمت فهي في الأعلام الموضوعة دون الدعاء ، فإنّه لا مانع منه إذا لم يشتمل على ما نهي عنه ، وقد ورد أنّ خير الدعاء ما جرى باللسان. فتأمّل.
وعن السادس : أنّ المراد بالأسماء الحسنى ما اشتمل على نوع من المدح ، ولم يشتمل على ما هو تعالى منزّه عنه. فليتأمّل.
فالحقّ الموافق للأكثرين جواز الإطلاق ، وقد قال تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ) (١) وقال : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٢) وفي رواية هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام : إنّه قال للزنديق حين سأله ما هو؟ قال : هو شيء بخلاف الأشياء ، ارجع بقولي [شيء] إلى إثبات معنى ، وأنّه شيء بحقيقة الشيئيّة غير أنّه لا جسم ولا صورة ... (٣) إلى آخره.
قال الرازيّ : واعلم أنّ من الناس من ظنّ أنّ هذا البحث واقع في المعنى ، وهذا في غاية البعد ، فإنّه لا نزاع في أنّ الله موجود وذات وحقيقة ، إنّما النزاع في أنّه هل يجوز إطلاق هذا اللفظ عليه ، فهذا نزاع في مجرّد اللفظ ، ولا يجري بسببه تكفير ولا تفسيق ، فليكن الإنسان عالما بهذه الدقيقة حتّى لا يقع في الغلط. انتهى.
وكيف كان ، فكلّ شيء عامّ يشمل جميع ما يصلح أن يخبر عنه ، وأن يعلم به سواء كان خيرا أو شرّا ، نورا أو ظلمة.
__________________
(١) الأنعام : ١٩.
(٢) القصص : ٨٨.
(٣) التوحيد ، للصدوق : ٢٤٣.