و «القدير» و «القادر» بمعنى ، إلّا أنّ الأوّل لا يطلق على غير الله ؛ دون الثاني. قال أبو البقاء : القدير هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضيه الحكمة لا زائدا عليه ، ولا ناقصا عنه ، ولذا لا يصحّ أن يوصف به إلّا الله.
والمراد بالقدرة التمكّن من التأثير في الشيء بالإيجاد والإفناء وغيرهما ، فالقادر على ما في شرح الطوالع وغيره : هو الّذي يصحّ أن يصدر عنه الفعل ، وأن لا يصدر. قيل : وهذه الصفة هي القدرة ، وإنّما يترجّح أحد الطرفين على الآخر بانضياف وجود الإرادة أو عدمها إلى القدرة. وقد يفسّر «القدرة» بكون الفاعل بحيث إن شاء فعل مع تمكّنه من الترك ، و «القادر» بالّذي يصحّ أن [يؤثّر] تارة ، وأن لا يؤثّر أخرى بحسب الدواعي المختلفة. وربّما يفسّر بالّذي إن شاء فعل ، وإن شاء لم يفعل.
وقيل : إنّ هذا ، تفسير المختار ويقابل القدرة الإيجاب ، وهو كون الشيء بحيث يكون الفعل لازما لذاته ، لا ينفكّ عنه ؛ كالإضاءة للشمس ، والإحراق للنار ، ويقابل «القادر» «الموجب» بفتح الجيم ، وهو الّذي يصدر الفعل عنه لا باختياره ، ولا يتمكّن من تركه.
وكيف كان ، فلا ريب أنّه تعالى قادر مختار ، لأنّه خلق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما من الصنائع الغريبة ، والبدائع العجيبة ، ولم يعي بخلقهنّ ، ولا ريب أنّ وجود العالم بعد عدمه ينافي كون تأثيره تعالى فيه بالإيجاب ، والقول بقدم العالم ـ كما عن الفلاسفة ـ شطط من الكلام ـ كما حقّق في محلّه ـ كالقول بأنّه سبحانه موجب بالذات ، وأنّ تأثيره في وجود العالم بالإيجاب ، بمعنى أنّ العالم لازم لذاته كتأثير الشمس في الإضاءة ،