والنار في الإحراق ، والماء في التبريد ، وإن استدلّ له بأنّ المؤثّر في وجود الشيء إن استجمع جميع ما لا بدّ منه في المؤثّريّة من الشرائط وجوديّا كان أو عدميّا وجب الأثر ، لأنّه لو لم يجب الأثر مع وجود المؤثّر المستجمع للشرائط لكان فعله تارة وتركه أخرى ترجيحا بلا مرجّح ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله.
وإن لم يستجمع المؤثّر الشرائط المعتبرة في المؤثّر امتنع وجود الأثر ، لامتناع المشروط عند عدم الشرط.
وفيه أوّلا : أنّ القادر يرجّح أحد مقدوريه على الآخر ، كما أنّ الجائع يختار أحد الرغيفين المتساويين من جميع الوجوه ، والهارب من السبع أو العدوّ يهرب من أحد الطريقين.
وثانيا : أنّ من الشرائط ؛ إرادة المؤثّر في وقت خاصّ وتحقّق المصلحة ، وقوله : (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) يفيد عموم قدرته على جميع الممكنات ، لأنّ لفظة «كلّ» من ألفاظ العموم موضوعة له خاصّة على الأظهر الأشهر ، فاستعماله في غيره مجاز ، وهو خير من الاشتراك ، وإن ذهب إليه بعض. والدليل على عموم قدرته تعالى أنّ الموجب للقدرة ذاته المقدّسة ، ونسبة الذات إلى كلّ الممكنات على السواء ، لمكان تجرّده ، فلو اختصّت قادريّته بالبعض دون البعض افتقر ذاته في كونه قادرا على البعض دون البعض إلى مخصّص ، وهو محال ، لمكان غناه عمّا سواه.
قال في شرح الطوالع : والمصحّح للمقدوريّة هو الإمكان المشترك بين جميع الممكنات ، لأنّ ما عدا الإمكان منحصر في الوجوب والامتناع ، وهما