فائدة هذا الخلق هو الاختبار والامتحان ؛ إذ «عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان» من بلاه يبلوه : إذا اختبره وامتحنه ، وبمعناه : ابتلاه ، والاسم «البلاء» كال «سلام» ومنه قوله : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) (١).
قيل : البلاء على ثلاثة أوجه : نعمة واختبار ومكروه ؛ والاختبار حقيقة في أن يفعل الجاهل بحقيقة الأمر فعلا يريد أن يعلم به ما في نفس الأمر وحقيقته ، ولا ريب أنّ هذا لا يصحّ بالنسبة إلى الله الّذي لا تخفى عليه الحقائق والعواقب ، فالمراد به في الآية ونحوها معناه المجازي ، وهو إظهار ما علمه لغيره ليطّلع عليه ، لا ليعلم الله ما لم يعلم.
والحاصل : أنّ فائدة هذا الاختبار راجعة إلى المختبر الجاهل بحقيقة أمره ، لا إلى المختبر بالكسر.
قال الطريحيّ : قوله : (وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) (٢) ؛ أي يختبرها ، واختبار الله العباد : امتحانهم وهو عالم بأحوالهم فلا يحتاج أن يختبرهم [ليعرفهم]. قال : وتحقيق هذا المجاز أنّ الله يكلّف العباد ليثيب المحسن ، ويجازي المسيء (٣). انتهى.
ولذا قال البيضاويّ في تفسير هذه الآية : ليعاملكم معاملة المختبر بالتكليف (٤). انتهى.
__________________
(١) الصافّات : ١٠٦.
(٢) محمّد صلّى الله عليه وآله : ٣١.
(٣) مجمع البحرين ١ : ٦١٨ (خبر).
(٤) أنوار التنزيل وأسرار التأويل ٢ : ٥٠٩.