لهم ولا ملاذ ، وإلى أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله هو الوسيلة إلى النجاة عن عذاب الله ، فإنّه الداعي إلى الإيمان به تعالى ، بل وجوده بين قومه مانع عن نزول العذاب الدنيويّ ، كما قال تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (١).
قيل : إنّ الكفّار كانوا يتمنّون موت النبيّ صلّى الله عليه وآله وموت أصحابه ، فقيل لهم «إن أهلكني الله ومن معي» بأن يميتني ويميت أصحابي ، فمن الّذي ينفعهم في دفع العذاب عنهم ويؤمنهم من العذاب ، فإنّه واقع بهم لا محالة.
وقيل : معناه : أرأيتم إن عذّبني الله ومن معي ، أو رحمنا بأن غفر لنا ، فمن يجيركم؟ أي : نحن مع إيماننا بين الخوف والرجاء ، فمن يجيركم مع كفركم من العذاب ولا رجاء لكم كما للمؤمنين ، نقل هذين القولين شيخنا الطبرسيّ رحمه الله في مجمع البيان (٢). ولكنّه فسّر «أهلكني» بيميتني و «رحمنا» بتأخير آجالنا. فليتأمّل.
وفي الكشّاف : كان كفّار مكّة يدعون على رسول الله صلّى الله عليه وآله وعلى المؤمنين بالهلاك ، فأمر بأن يقول لهم : نحن مؤمنون متربّصون لإحدى الحسنيين : إمّا أن نهلك كما تتمنّون فننقلب إلى الجنّة ، أو نرحم بالنصرة والإدالة للإسلام كما نرجو ، فأنتم ما تصنعون؟ من يجيركم ـ وأنتم كافرون ـ من عذاب النار؟ لا بدّ لكم منه ، يعني : إنّكم تطلبون لنا الهلاك الّذي هو استعجال للفوز والسعادة وأنتم في أمر هو الهلاك الّذي لا هلاك بعده ،
__________________
(١) الأنفال : ٣٣.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٤١٥.