الكمال المستعلية للإنسان الّذي هو جوهر الأكوان ، وأنموذج عوالم الإمكان ، ومن فروعها النبوّة والرسالة ، فإنّ هذه المرتبة لم ينلها سواه ولم يعطها الله غيره. ولذا كانت نبوّته حقيقيّة دائميّة باقية إلى يوم القيامة بخلاف سائر النبوّات ، والسرّ في ذلك على ما ذكره الغزاليّ في كتابه المسمّى بكشف الوجوه الغرّ (١) : إنّ النبوّة بمعنى الإنباء ، والنبيّ هو المنبئ عن ذات الله وصفاته وأسمائه وأحكامه ومراداته ، والإنباء الحقيقيّ الذاتيّ ليس إلّا للروح الأعظم الّذي بعثه الله إلى النفس الكلّيّة أوّلا ، ثمّ إلى النفوس الجزئيّة ثانيا ، لينبّئهم بلسانه العقليّ عن الذات الأحديّة ، والصفات الأزليّة ، والأسماء الإلهيّة ، وكلّ نبيّ من آدم عليه السلام إلى محمّد صلّى الله عليه وآله مظهر من مظاهر نبوّة الروح الأعظم ، فنبوّته ذاتيّة دائمة ، ونبوّة المظاهر عرضيّة ومنصرمة إلّا نبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله فإنّها دائمة غير منصرمة ؛ إذ
__________________
(١) نسبة الكتاب إلى الغزاليّ سهو من قلم المصنّف رحمه الله قد صدر هنا وفي بعض آخر من مصنّفاته كتفسير سورة الفاتحة : ٧ من المخطوط ، هذا وكتاب كشف الغرّ على ما هو المعروف من مؤلّفات الشيخ عبد الرزّاق الكاشانيّ المتوفّى سنة ٧٣٦ ق ، وهو شرح على التائيّة الكبرى المعروفة لابن الفارض وهو مطبوع على الحجر بطهران في سنة ١٣١٩ ق مع شرح الفصوص للفارابيّ «تعليقات نفحات الأنس للدكتور محمود عابدي : ٨٧١». وأيضا طبع في هامش ديوان ابن الفارض في مصر ١٣١٩ كما في الذريعة ١٨ : ٦٧ كما أنّه طبع ضمن نتائج الأفكار القدسيّة للعروسيّ «راجع مقدّمة الدكتور محمّد كمال إبراهيم جعفر على اصطلاحات الصوفيّة للقاشانيّ ـ انتشارات بيدار : ٧» بينما أنّ بعض الأفاضل «كالأستاذ الفقيد جلال الدين همائي» مصرّ على خطأ هذه النسبة وأنّه من مؤلّفات عزّ الدين محمود الكاشانيّ المتوفّى سنة ٧٣٥ ق «المعاصر للشيخ عبد الرزّاق المذكور» راجع مقدّمة مصباح الهداية ومفتاح الكفاية : ١٦ وأيضا مقدّمة شرح منازل السائرين : ٢٩ ومقدّمة تحفة الإخوان في خصائص الفتيان لكمال الدين عبد الرزّاق الكاشانيّ رحمه الله بقلم الدكتور سيّد محمّد دامادي : ١٥.