ومن هنا قيل : إنّه أخصّ وأعلى من لفظ «الله» لدلالته على الهويّة الصرفة الّتي لا يتصوّر معها شوب إضافة أصلا ، بخلاف لفظ «الله» فإنّه يدلّ على الألوهيّة الّتي لا تتصوّر إلّا بعد ملاحظة المألوه. ولذا صار «لا إله إلّا هو» ، عماد التوحيد ؛ الّذي هو عبارة عن إسقاط الإضافات ، فـ «هو» مع كونه أعمّ الأسماء حيث يطلق على جميعها ، أخصّها حتّى من «الله» ، ولذا قدّمه عليه في هذه الآية المباركة ، كما قدّم «الله» على «الأحد» لكونه أخصّ منه ، فافهم واغتنم وكن من الشاكرين.
ومن خواصّ هذه الكلمة أنّه لو بسط حرفاها ببسط الترفّع طوبق عددها مع عدد «عليّ» ولو بسط حروف «عليّ» ببسط التنزيل طوبق مع عدد هذه الكلمة فـ (هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) و (هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) و (إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) فكما أنّ هذه الكلمة دليل تدوينيّ على غيب الهويّة ، كذلك «عليّ» دليل تكوينيّ عليه ، ومرآة للوجود المطلق ؛ خلقه الله من نوره ، واصطفاه بعد محمّد صلّى الله عليه وآله من خلقه ليكون دليلا على هويّته ، فـ «سبحان الّذي دلّ على ذاته ، بذاته وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته» (١).
ومن خواصّها أنّ النطق بها لا يحتاج إلى اللسان عند انبساط النفس وانقباضه ، وفي ذلك إشارة إلى أنّ هويّته بذاته ولذاته ، وهويّة سائر الهويّات إنّما هي بهويّته ، مفتقرة إليها في حدّ أنفسها.
وهذا معنى ما ذكره الشيخ الرئيس من أنّ «ألهو هو» المطلق هو الّذي لا يكون هويّته موقوفة على غيره ، وكلّما كان هويّته لذاته سواء اعتبر غيره أو
__________________
(١) جاء هذا المقطع في دعاء الصباح : يا من دلّ على ذاته بذاته ، وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته.